أماط المجلس العلمي الأعلى، المؤسسة الدستورية التي يرأسها دستوريا أمير المؤمنين الملك محمد السادس، اللثام عن موقفه تجاه مجموعة من المقترحات والتعديلات المزمع إقرارها في مدونة الأسرة المقبلة.
وأثْرت التعديلات المقترحة النقاش كما الخلاف خصوصا بين الأطياف المحافظة والحداثية في المغرب بعيد الرسالة الملكية لرئيس الحكومة العام الماضي، والتي وجهه فيه إلى إصلاح مدونة الأسرة بعد مرور 20 سنة على صدور النسخة الأولى والتي جاءت بديلة عن قانون الأحوال الشخصية.
وكشف وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية، أحمد التوفيق خلال اجتماع العمل الذي عقده عاهل البلاد مساء الاثنين لتدارس موضوع مراجعة مدونة الأسرة، عن موافقة المجلس العلمي الأعلى على مجموعة من التعديلات التي اقترحتها الهيئة المكلفة بمراجعة مدونة الأسرة.
وخلال جلسة العمل بالقصر الملكي بالدار البيضاء، أبرز التوفيق، أن من بين النقاط التي تمت الموافقة عليها من قبل المجلس، إيقاف بيت الزوجية عن دخوله في التركة، وبقاء حضانة المطلقة على أطفالها حتى في حال زواجها مرة أخرى.
ووافق المجلس أيضا، على عقد الزواج للمغاربة المقيمين بالخارج دون حضور الشاهدين المسلمين في حال تعذر ذلك، كما تم منح الأم الحاضنة الحق في النيابة “القانونية” عن أطفالها، فضلا عن الاعتراف بمساهمة الزوجة في تنمية الأموال المكتسبة أثناء الزواج، بما في ذلك عملها المنزلي.
ولم يمتنع المجلس، وفق التوفيق، على التعديل القاضي بوجوب النفقة على الزوجة بمجرد العقد عليها، فضلا عن جعل ديون الزوجين الناشئة عن وحدة الذمة على بعضهما، ديونا مقدمة على غيرها بمقتضى الاشتراك الذي بينهما.
من جهة أخرى، رفض المجلس العلمي الأعلى، على لسان وزير الأوقاف، مقترحات من قبيل استخدام الخبرة الجينية للحوق النسب، كما رفض إلغاء العمل بقاعدة التعصيب في الميراث.
وفي الوقت ذاته، رفض المجلس التوارث بين المسلم وغير المسلم، ومعنى ذلك أن يظل الميراث محصورًا بين المسلمين فقط.
وكشف أحمد التوفيق، أن رأي المجلس العلمي الأعلى حول القضايا السبع عشرة التي أحيلت إليه من طرف الملك بشأن مدونة الأسرة، جاء متفقا مع أغلبها، مؤكدا بأنه “تم توضيح السبل التي يمكن من خلالها توافق بعض النقاط الأخرى مع أحكام الشريعة الإسلامية”.
وأوضح وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية أن “ثلاثا منها تتعلق بنصوص قطعية لا تجيز الاجتهاد فيها، وهي المتعلقة باستعمال الخبرة الجينية للحوق النسب، وإلغاء العمل بقاعدة التعصيب، والتوارث بين المسلم وغير المسلم”.
وأردف الوزير، أن “العلماء فوضوا لجلالة الملك النظر في ما أبدوه من الآراء وذلك من زاوية “المصلحة” التي هي المقصد الأسمى للدين، والتي يعتبر ولي الأمر أحسن من يقدرها، لثقتهم بالتبصر الذي يميز الإمامة العظمى، وحرص أمير المؤمنين على التوفيق في المسيرة الإصلاحية التي يقودها، بكل حكمة وبعد نظر، بين المحافظة على الثوابت الدينية والوطنية، والسعي لتحقيق المزيد من الكرامة والعزة والإنصاف لرعاياه الأوفياء، في مراعاة للتطورات التي يعرفها المجتمع المغربي”.
وأشار التوفيق، خلال جلسة العمل إلى “اعتزاز أعضاء المجلس العلمي الأعلى بتفضل جلالة الملك بإحالة بعض مقترحات الهيئة المكلفة بمراجعة مدونة الأسرة المرتبطة بالجانب الشرعي على المجلس قصد إبداء الرأي بشأنها، في حرص من جلالته على إشراك العلماء في اتخاذ القرارات المرتبطة بحفظ ثوابت الدين ومقام إمارة المؤمنين”.
وكان بلاغ الديوان الملكي، أشار إلى نقطة في ذات السياق، تبرز أن الملك محمد السادس في إطار صلاحياته الدستورية التحكيمية، “رَجح الخيارات التي تنسجم مع المرجعيات والغايات المحددة في مضمون الرسالة الملكية السامية الموجهة إلى السيد رئيس الحكومة، وكذا تلك الواقعة في دائرة الضوابط المحددة لعمل الهيئة، وفي مقدمتها ضابط ‘عدم تحريم حلال ولا تحليل حرام’ “.