يخلد الشعب المغربي ومعه أسرة الحركة الوطنية والمقاومـة وجيش التحرير، اليوم الإثنين 19 غشت 2024، الذكرى 69 لانتفاضات ومظاهرات مدن أبي الجعد ووادي زم وخريبكة والقبائل المتاخمة ضد الوجود الاستعماري الغاصب، دفاعا عن حياض الوطن وحماه والعودة الشرعية لبطل التحرير والاستقلال جلالة المغفور له محمد الخامس طيب الله ثراه من المنفى السحيق إلى أرض الوطن، واعلان استقلال البلاد وتحررها من نير الاحتلال الأجنبي.
إن هذه الذكرى المجيدة بما تجسده من نضالات وتضحيات لرجال ونساء وشباب تعبأوا وهبوا للدفاع عن حرية واستقلال الوطن، ستظل مروية بمداد الفخر والإعتزاز على صفحات من التاريخ الوطني ،ومنقوشة بأحرف الوطنية الحقة والمواطنة الصادقة في الذاكرة المحلية والجهوية والوطنية ،يتردد صداها ويتوهج إشعاعها كلما أتى لسان على ذكر مقاومة المنطقة للوجود الأجنبي والاستيطان الاستعماري.
ويعتبر هذا الحدث المتجذر في تاريخ المنطقة والمرصع بأبهى صور التلاحم الوثيق والوشائج القوية التي تشد منذ قرون خلت الشعب المغربي الأبي بالعرش العلوي المنيف، منبعا لا ينضب للقيم الوطنية، تغترف من معينه الفياض الناشئة والأجيال الحاضرة والمتعاقبة.
لقد شارك أبناء إقليم خريبكة بكل شجاعة وإقدام في معركة التحرير والاستقلال، مسترخصين الغالي والنفيس في سبيل عزة الوطن وكرامته مدافعين عن مقدساته وثوابته وهويته، مستنكرين إقدام السلطات الاستعمارية على فعلتها النكراء في 20 غشت 1953 بنفي بطل التحرير والاستقلال جلالة المغفور له محمد الخامس ورفيقه في الكفاح والمنفى جلالة المغفور له الحسن الثاني طيب الله ثراهما وكافة أفراد الأسرة الملكية الشريفة، ومتصدين بكل استماتة لهذه المؤامرة الدنيئة التي كانت الإقامة العامة للحماية الفرنسية تستهدف منها المساس بالعروة الوثقى التي تربط العرش بالشعب وإخماد جذوة الروح الوطنية المتأججة في نفوس المغاربة.
وهكذا، وقف أبناء المنطقة الصناديد وقفة رجل واحد معلنين انخراطهم التام والفاعل في العمل الفدائي، مبادرين إلى تأسيس العديد من الخلايا السرية التي كانت تخطط وتنفذ العمليات الفدائية مستهدفة مصالح ومنشآت المستعمر، ومسجلين مشاركتهم الفعالة في الانتفاضات الشعبية التي شهدتها المنطقة وفي طليعتها ثورة 19 و20 غشت 1955 التي تزامنت والذكرى الثانية لنفي بطل التحرير والاستقلال، فهبوا في حماس قل نظيره نساء ورجالا شيبا وشبابا هاتفين مرددين شعارات المطالبة بالاستقلال وبعودة رمز الأمة من المنفى إلى أرض الوطن غير آبهين بالتدخلات العنيفة والوحشية لجيش الاحتلال الذي جند كل إمكانياته من جنود وعتاد عسكري لتفريق المتظاهرين، الذين سقط منهم عشرات الشهداء ملبين نداء ربهم وهم في ساحة الوغى يدافعون عن وحدة واستقلال الوطن ،ومئات الجرحى والمعتقلين الذين عانوا الويلات من مختلف أشكال التنكيل والتعذيب التي ورغم بشاعتها لم تنل من عزيمتهم حيث ظلوا سائرين على درب النضال حتى تحقق النصر المبين والمنشود بفضل ذلك الالتحام الوثيق بين العرش والشعب ،وقوة وصمود المقاومة المغربية التي استلهمت كل مقوماتها من قائدها ورائدها الذي آثر أهوال المنفى وشدائد الإبعاد على أن يخضع لأهواء المستعمر الغاشم.
وفي خضم هذه الأحداث واستمرارا في السير على درب النضال، تعزز هذا المسار النضالي بانطلاق عمليات جيش التحرير في غمرة ثورة عارمة كان النصر حليفها، فعجلت بالعودة الميمونة والمظفرة للملك المجاهد الأبي جلالة المغفور له محمد الخامس بمعية رفيقه في الكفاح والمنفى جلالة المغفور له الحسن الثاني طيب الله ثراهما والأسرة الملكية الشريفة إلى ارض الوطن في 16 نونبر 1955 ،معلنا انتهاء عهد الحجر والحماية واشراقة شمس الحرية والاستقلال.
وإن أسرة الحركة الوطنية والمقاومة وجيش التحرير وهي تخلد، ككل سنة وبكل افتخار واعتزاز فصول انتفاضات ومظاهرات مدن أبي الجعد ووادي زم وخريبكة والقبائل المجاورة، المشبعة بالدروس والعبر، والطافحة بالمعاني والدلالات، فإنها تجدد الموقف الثابت من قضية وحدتنا الترابية مؤكدين أن المغرب في صحرائه و الصحراء في مغربها فهذه هي الحقيقة الساطعة المفندة لمناورات ومؤامرات الخصوم والحسابات المغلوطة للمتربصين بالوحدة الترابية والسيادة الوطنية، وستظل بلادنا متمسكة بروابط الإخاء وحسن الجوار ، إيمانا منها بضرورة إيجاد حل سلمي واقعي ومتفاوض عليه لإنهاء النزاع المفتعل حول أقاليمنا الجنوبية.
واحتفاء بهذا الحدث الوطني بما يليق به من مظاهر الاعتزاز والبرور، تنظم المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير مهرجانا خطابيا يوم الإثنين 19 غشت 2024 على الساعة الخامسة عصرا بقاعة غرفة التجارة والصناعة والخدمات بمدينة خريبكة، تلقى خلاله كلمات وشهادات تستحضر مضامين وأبعاد هذه الانتفاضة المباركة، وتبرز تأثيرها على مسار الكفاح الوطني في سبيل الحرية والاستقلال والوحدة الترابية.
وستجري بنفس المناسبة مراسم تكريم صفوة من قدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير بإقليم خريبكة، برورا بهم ووفاء لجلائل أعمالهم وأياديهم البيضاء وتضحياتهم الجسام في رياض العمل الوطني ومعترك المقاومة والتحرير والفداء، بالإضافة إلى توزيع مساعدات اجتماعية وإعانات مالية وإسعافات على عدد من المستحقين للدعم المادي والاجتماعي من عائلات وأرامل المتوفين منهم.