كشف الإحصاء العام للسكان والسكنى لسنة 2024 عن مجموعة من التحولات الديموغرافية المهمة التي ترسم ملامح جديدة للهرم السكاني بالمغرب.
وقال المختص في الجغرافيا البشرية عبدالرحمان الراجي، إن من أبرز هذه التحولات، ارتفاع نسبة الشيخوخة، التي قفزت من 9.4% سنة 2014 إلى 13.8% سنة 2024، وهو ما يعادل حوالي 5 ملايين نسمة، موردا بأن هذا الارتفاع بنسبة 5.8% خلال عشرين سنة يشير إلى تسارع وتيرة الشيخوخة في البلاد.
بالموازاة مع ذلك، سجلت نسبة الشباب دون سن 15 سنة انخفاضا من 28.2% سنة 2014 إلى 26.5% سنة 2024، الشيء الذي اعتبره الراجي في تصريح خاص لمنبر “سفيركم”، تأكيدا للتوجه الديمغرافي نحو “انقلاب قاعدة الهرم السكاني”، وهو ما ينذر بتحديات مستقبلية في هيكلة التركيبة السكانية للمغرب، حسب ذات المتحدث.
وفي سياق متصل، أفاد الخبير بأن متوسط الأعمار بالمغرب شهد تحسنا ملحوظا، حيث ارتفع أمد الحياة إلى 75.6 سنة، مرجعا هذا التحسن إلى تطور الرعاية الصحية والظروف المعيشية.
في مقابل هذا التقدم عرف معدل الخصوبة تراجعا إلى أقل من 2.1 طفل لكل امرأة، وهو مستوى أقل من معايير التوازن السكاني، وقد يؤدي استمراره انخفاضه إلى غياب التجديد الطبيعي للسكان في المستقبل.
أما على مستوى الهجرة الداخلية، فقد أبرز الإحصاء ارتفاع التوجه نحو التمدين حيث تجاوز معدل التمدين بالمغرب 60%، مسجلا ارتفاع نسبة النزوح من القرى إلى المدن، فيما سجلت الجماعات القروية تراجعا في معدل النمو السكاني، نتيجة لتأثير عوامل مثل الجفاف وتقلب الوضع الفلاحي.
واعتبر الراجي في تتمة تصريحه لـ”سفيركم” أن هذا الاتجاه نحو التمدين قد يفاقم مشاكل الاكتظاظ في المدن، خاصة على مستوى الضغط على الخدمات العمومية، ازدحام الطرق، وارتفاع معدلات البطالة، مؤكدا أن هذا ما يجعل المدن المغربية تواجه رهانات كبرى على صعيد التهيئة الحضرية وتوفير فرص العمل.
وأضاف أن هذه المستجدات تشير إلى أن المغرب يشهد مرحلة انتقال ديموغرافي يتطلب استراتيجيات استباقية لمواجهة التحديات المستقبلية، مفيدا أن من بين الأولويات التي يجب التركيز عليها، تعزيز نظام التقاعد، تحسين الرعاية الصحية، وتشجيع زيادة معدلات الولادة لتجديد الهرم السكاني.
وخلص إلى ضرورة التعامل مع هذه التحولات بشكل استباقي لتجنب الأزمات التي يطرحها هذا التغير الديمغرافي.