قال دونالد ترامب إن الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والأوكراني فولوديمير زيلينسكي أعربا عن رغبتهما في السلام خلال مكالمتين هاتفيتين منفصلتين معه أمس الأربعاء، مصدرا تعليماته لكبار المسؤولين الأميركيين ببدء محادثات لإنهاء الحرب في أوكرانيا.
وجاءت هذه المحادثات بعد تصريح وزير الدفاع الأميركي بأن كييف ستضطر إلى التخلي عن أهدافها الطويلة الأمد في الانضمام إلى حلف الناتو واستعادة جميع أراضيها التي استولت عليها روسيا، مما يشير إلى تحول جذري في نهج واشنطن تجاه الصراع.
وبعد حديثه مع بوتين لأكثر من ساعة، قال ترامب إن الزعيم الروسي، الذي شن غزوا واسع النطاق لأوكرانيا عام 2022، يريد إنهاء الحرب، وأنهما ناقشا “إمكانية التوصل إلى وقف لإطلاق النار في المستقبل القريب”.
وقال ترامب للصحفيين في المكتب البيضاوي، “إنه (بوتين) يريد إنهاءها”، وأضاف: “أعتقد أننا في طريقنا لتحقيق السلام. أعتقد أن الرئيس بوتين يريد السلام، والرئيس زيلينسكي يريد السلام، وأنا أريد السلام. أريد فقط أن أرى الناس يتوقفون عن القتل”.
ولطالما قال ترامب، خلال حملته الانتخابية، إنه سينهي الحرب في أوكرانيا بسرعة، دون توضيح كيفية تحقيق ذلك بالضبط.
وكان الكرملين قد أعلن في وقت سابق أن بوتين وترامب اتفقا على الاجتماع، وأن بوتين دعا ترامب لزيارة موسكو، وقال ترامب إن اجتماعهما الأول “على الأرجح” سيُعقد قريبا في السعودية.
وفي منشور على منصته الاجتماعية “تروث سوشيال” قال ترامب إن وزير الخارجية الأمريكية ماركو روبيو، ومدير وكالة الاستخبارات المركزية جون راتكليف، ومستشار الأمن القومي مايكل والتز، والمبعوث الأميركي للشرق الأوسط ستيف ويتكوف سيقودون المفاوضات لإنهاء الحرب.
وتحدث ترامب مع زيلينسكي بعد مكالمته مع بوتين، وقال مكتب زيلينسكي إن المحادثة استمرت نحو ساعة.
وكتب زيلينسكي على منصة “إكس”، “أجريت محادثة ذات مغزى مع الرئيس الأميركي. تحدثنا عن فرص تحقيق السلام، وناقشنا استعدادنا للعمل معا.. وقدرات أوكرانيا التكنولوجية، بما في ذلك الطائرات المسيّرة والصناعات المتقدمة الأخرى”.
ولم تُعقد أي محادثات سلام بشأن أوكرانيا منذ الأشهر الأولى للصراع، الذي يقترب من عامه الثالث.
وكان سلف ترامب، جو بايدن، قد أشرف على تقديم مليارات الدولارات من المساعدات العسكرية وغيرها إلى كييف، ولم يجرِ أي اتصال مباشر مع بوتين بعد الغزو الروسي.
وتسيطر روسيا حاليا على نحو خُمس أراضي أوكرانيا، وقد طالبت كييف بالتنازل عن المزيد من الأراضي والبقاء في وضع حياد دائم كجزء من أي اتفاق سلام.
من ناحية أخرى، تطالب أوكرانيا بانسحاب روسيا من الأراضي المحتلة، وتصر على ضرورة انضمامها إلى حلف الناتو أو الحصول على ضمانات أمنية مماثلة لمنع موسكو من الهجوم مجددا.
وأكدت القوى الأوروبية، بما في ذلك بريطانيا وفرنسا وألمانيا، الأربعاء، أنها يجب أن تكون جزءا من أي مفاوضات مستقبلية بشأن مصير أوكرانيا، مشددة على أن اتفاقا عادلا مع ضمانات أمنية فقط هو الذي يمكن أن يضمن سلاما دائما.
وقالت هذه الدول إنها مستعدة لتعزيز دعمها لأوكرانيا ووضعها في موقع قوة.
وفي وقت سابق من أمس الأربعاء، أدلى وزير الدفاع الأميركي بيت هيغسيث بتصريح بشأن نهج الإدارة الجديدة تجاه الحرب، قائلا إن كييف لا يمكنها أن تأمل واقعيا في استعادة حدودها السابقة أو الانضمام إلى الناتو.
وقال هيغسيث خلال اجتماع في مقر الناتو في بروكسل، “نريد، مثلكم، أوكرانيا ذات سيادة ومزدهرة. لكن يجب أن نبدأ بالاعتراف بأن العودة إلى حدود أوكرانيا قبل عام 2014 هو هدف غير واقعي”.
وأضاف: “السعي وراء هذا الهدف الوهمي لن يؤدي إلا إلى إطالة أمد الحرب والتسبب في مزيد من المعاناة”.
يُذكر أن روسيا ضمت شبه جزيرة القرم عام 2014، وهو ما تعتبره أوكرانيا والعديد من الدول الغربية احتلالا غير شرعي.
وأكد هيغسيث أن أي سلام دائم يجب أن يتضمن “ضمانات أمنية قوية لضمان عدم اندلاع الحرب مجددا”، لكنه شدد على أن القوات الأميركية لن تُنشر في أوكرانيا كجزء من هذه الضمانات.
وفي محاولة لإبقاء ترامب مهتما بمواصلة دعم أوكرانيا، اقترح زيلينسكي مؤخرا صفقة تستثمر بموجبها الولايات المتحدة في المعادن الأوكرانية.
وقال وزير الخزانة الأميركي، سكوت بيسنت، خلال زيارته لكييف يوم الأربعاء – وهي أول زيارة لمسؤول في إدارة ترامب – إن مثل هذه الصفقة المتعلقة بالمعادن يمكن أن تكون بمثابة “درع أمني” لأوكرانيا بعد الحرب.
كما أعلن ترامب أن ماركو روبيو ونائب الرئيس جي دي فانس سيجريان محادثات بشأن الحرب يوم الجمعة في ميونيخ، حيث من المتوقع حضور مسؤولين أوكرانيين مؤتمرا سنويا للأمن.
ويأتي هذا الحراك الدبلوماسي الجديد عقب عملية تبادل أسرى بين الولايات المتحدة وروسيا جرت يوم الثلاثاء، والتي قال الكرملين إنها قد تساعد في بناء الثقة بين البلدين.
وأطلقت روسيا يوم الثلاثاء سراح المعلم الأميركي مارك فوغل، الذي كان يقضي عقوبة بالسجن لمدة 14 عاما في روسيا، مقابل إطلاق الولايات المتحدة سراح زعيم روسي في جرائم إلكترونية كان مسجونا لديها، وفقا لمسؤول أمريكي رسمي.