في اليوم الوطني للمهاجر، الذي يصادف الـ18 من نونبر من كل سنة، يشكل مغاربة العالم قوة دافعة تساهم في تحريك عجلة التنمية ببلدهم الأم، ليس فقط بريادتهم المالية وكونهم مصدرا رئيسيا للعملة الصعبة، من خلال تحويلاتهم المالية وزياراتهم المتواصلة للبلاد، بل حتى باستثماراتهم المنتجة، التي تدأب الحكومة على وضع برامج وتدابير خاصة لتحفيز وتسهيل هذه العملية في المغرب.
العناية الملكية باستثمارات الجالية المغربية
وفي هذا الإطار، اتخذت الحكومة المغربية مجموعة من القرارات والإجراءات الرامية إلى جذب استثمارات مغاربة العالم، وذلك تنفيذا للتعليمات الملكية السامية، الواردة في خطاب الملك بمناسبة الذكرى التاسعة والستين لثورة الملك والشعب، الذي دعى فيه إلى “إحداث آلية خاصة، مهمتها مواكبة الكفاءات والمواهب المغربية بالخارج، ودعم مبادراتها ومشاريعها”.
ميثاق الاستثمار الجديد
ومنذ هذه الدعوة التي أطلقها الملك، بدأ الاشتغال على تنفيذها من خلال وضع ميثاق جديد للاستثمار، يشتمل على مجموعة من المقتضيات التي تهم المستثمرين المغتربين والأجانب.
وحدد ميثاق الاستثمار الجديد أربعة أنظمة للدعم، ويتعلق الأمر بنظام أساسي، ونظام استراتيجي، ونظام للشركات الصغيرة جدا والصغيرة والمتوسطة، ونظام خاص بتواجد الشركات المغربية على الصعيد الدولي.
وتطمح الحكومة من خلال هذا الميثاق إلى توفير مجموعة من الآليات وأنظمة الدعم للمستثمرين من الجالية، بالإضافة إلى الزيادة من حجم وحصة استثماراتهم، ولا سيما تلك التي يمكن أن تحقق قيمة مضافة للمجتمع المغربي.
خارطة الطريق الاستثمارية
ولم تقتصر هذه الاجراءات فقط على ميثاق الاستثمار الجديد، بل عقدت لجنة تشجيع استثمارات المغتربين، اجتماعات تم تخصيصها للشروع في بلورة خارطة طريق من شأنها أن تقدم الدعم لهذه الفئة من المغاربة.
وتركز هذه الخارطة على إحداث قاعدة محينة للبيانات، وكذا تحديد شرائح المغتربين، بالإضافة إلى تعزيز التواصل والتنسيق معهم، ثم تعزيز وتكييف المواكبة الموجهة لهم، ناهيك عن تحيين آليات دعم الاستثمار الموجهة لهم.
وسبق لوزير الشؤون الخارجية والتعاون الافريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة، أن أشار إلى أنه في إطار التفاعل مع الخطاب الملكي السامي لـ20 غشت 2022، وتماشيا مع مخرجات الاجتماع التاسع للجنة الوزارية المنعقد يوم 30 غشت 2022، تقرر إحداث لجان موضوعاتية، تكمن مهمتها الأساسية في إعداد برنامج تنفيذي يتضمن مختلف التدابير المتعلقة بتنزيل التعليمات الملكية السامية بشأن مغاربة العالم، ويتعلق الأمر بتشجيع الاستثمار، وتعبئة الكفاءات، والإدارة والحقوق، وتعزيز الهوية، وتحديث وتأهيل الإطار المؤسساتي.
الصندوق الوطني لدعم الاستثمار
ويلعب صندوق دعم الاستثمار الخاص بالمغاربة المقيمين بالخارج، دورا مهما في تحفيز استثمارات هذه الفئة، والذي وضعته الحكومة من أجل تشجيع استثماراتهم في بلدهم الأصل، وتعزيز نسيج المقاولات المتوسطة، خاصة على المستويين المحلي والجهوي.
ويستهدف هذا الصندوق كل مشروع لا تقل قيمته عن 1 مليون درهم، شريطة تقديم ما يثبت إقامة صاحب المشروع، مثل شهادة الإقامة أو بطاقة تعريف أجنبية أو بطاقة قنصلية لم تنته صلاحيتها، كما أنه موجه كذلك للمغاربة المقيمين بالخارج وعادوا نهائيا إلى المغرب منذ مدة لا تتجاوز، كحد أقصى، سنة واحدة قبل إيداع المشروع.
منصة توجيه المستثمرين من مغاربة العالم
الشراكات الاستراتيجية
وعقدت الحكومة عدد من الشراكات الاستراتيجية مع مجموعة من الشركاء، مثل وكالة التعاون التقني البلجيكي MaghribBelgium” “Impulse، الرامية إلى مواكبة حاملي المشاريع من المغاربة المقيمين ببلجيكا على الاستثمار المنتج والمساهمة في تنمية ببلدهم الأم، بالإضافة إلى شراكة مع برنامج “PRIMO” الجهوي، لمبادرات المغاربة المقيمين بالخارج في جهة الشرق، وبرنامج “SHARAKA” التي يتمثل هدفها في تعزيز العلاقات والتبادلات بين المستثمرين من الجالية ومؤسسات الجهة الشرقية من أجل تعزيز فرص الاستثمار بالمنطقة الشرقية.
وفي إطار شراكتها ببرنامج “Maghrib Entrepreneurs” مع وكالة التنمية الفرنسية، تمت مواكبة 100 من المستثمرين المغاربة المقيمين في فرنسا وفق مقاربة تعتمد على محورين: الإعلام والتحسيس من بلد الإقامة الدعم والمواكبة بالمغرب.
وتوجد خلايا لمواكبة المستثمرين المغاربة المقيمين بالخارج، تكمن مهمتها الأساسية في إعلام وتوجيه المستثمرين الراغبين في الاستثمار بمختلف القطاعات الاقتصادية، ومواكبة حاملي المشاريع خلال جميع مراحل إنجاز مشاريعهم بدء من الفكرة العامة للمشروع إلى حين إنجازه، وضمان المواكبة المحلية الجهوية من طرف دار مغاربة العالم لفائدة حاملي المشاريع من الجالية المغربية.
تعليقات( 0 )