بقلم: رشيد الحبيب*
تعيش الساحة المغربية اليوم على وقع تزايد تعبيرات جيل Z عن مطالبه الاجتماعية والاقتصادية، سواء عبر الفضاء الرقمي أو في الشارع. هذا الجيل الذي يتميز بوعي نقدي متقدم وقدرة على التنظيم الذاتي، لم يجد أمامه مؤسسات وسيطة حقيقية تؤطره وتدافع عن قضاياه، ما جعله يلجأ إلى أشكال احتجاجية مباشرة للتعبير عن حقوقه المشروعة.
في المقابل، يظل المجلس الاستشاري للشباب والعمل الجمعوي، الذي نص عليه دستور 2011 باعتباره هيئة دستورية واستشارية، غائبا عن المشهد. لو كان هذا المجلس مفعلا على أرض الواقع وقائما بأدواره، لكان أولا أداة لتشخيص دقيق لواقع الشباب المغربي، وثانيا قناة لتوجيه تدخلات الحكومة والقطاعات الوصية وفق مقاربة استباقية تستجيب للحاجيات الحقيقية للشباب وتترجم مطالبه إلى سياسات عمومية ملموسة.
إن تعطيل هذه المؤسسة جعل الفجوة بين الشباب والدولة تتسع، وحرم البلاد من آلية كانت قادرة على امتصاص التوترات الاجتماعية وصياغة حلول تشاركية. فجيل Z لا يبحث عن القطيعة مع الدولة، بل عن علاقة جديدة قائمة على الاعتراف والمشاركة، وهو ما يجعل تفعيل المجلس الاستشاري للشباب والعمل الجمعوي اليوم ضرورة سياسية ومجتمعية ملحة، وليس خيارا ثانويا.
إن بناء هذه المؤسسة على أسس قوية، مع تقييم التجارب السابقة والاستفادة من التجارب الدولية الناجحة، سيشكل خطوة أساسية لإعادة الاعتبار للشباب والعمل الجمعوي. فالتنمية الشاملة لن تتحقق إلا من خلال إشراك الشباب بشكل جدي ومسؤول في صياغة المستقبل، وتفعيل مؤسسات الوساطة التي تمنحهم صوتا مؤثرا داخل المشهد الوطني.
جيل Z فرصة لإعادة تعريف العلاقة بين الدولة والمجتمع، لكن هذه الفرصة لن تستثمر إلا إذا وُضعت المؤسسات الدستورية في موقعها الطبيعي، لتتحول من نصوص على الورق إلى أدوات عملية للإصلاح والاستقرار والتنمية.
*ماستر التنمية المحلية و الإبتكار الإجتماعي وباحث في قضايا الشباب و فاعل جمعوي