بقلم: مصطفى العراقي
أقدمت وزارة الشباب والثقافة والاتصال قطاع الشباب على تفويت عدد من مراكز الاستقبال والمخيمات إلى مؤسسة مالية لها من الإمكانيات ما تبني بها منشآت جديدة دون الحاجة إلى وضع اليد على هذه المراكز والمخيمات…
أولا، لا بد من الإشارة إلى أن قطاعا حكوميا يتخلى عن اختصاصاته ومنشآته وتفويتها إلى جهة ما، هو دليل على عجز هذا القطاع في إبداع استراتيجيات وسياسات عمومية ناجعة ..دليل على الفشل في التدبير…وقد تكون هذه الإشارة تعبر فقط عن وجه ما أقدمت عليه الوزارة الثلاثية الأبعاد، فيما يكمن الوجه الثاني في أن هناك سبق إصرار وتعمد من طرف من فوت بشكل دائم أو مؤقت هذه الفضاءات العمومية في عملية لا تأخذ بعين الاعتبار الأهداف النبيلة التربوية والمجتمعية التي أنشئت من أجلها..
إن من بين أول ضحايا هذا التفويت هو الجمعيات التي تشتغل في حقل الطفولة والشباب، إذ سيتم حرمانها من الاستفادة من هذه المراكز والمخيمات وستكون شروط الإقامة باهظة ومكلفة ماديا ..وبالتالي ستتعمق “الطبقية ” في العمل الجمعوي، وسيتم خنق العمل التطوعي، وسندفع بالآلاف من الأطفال في مخيمات ينقصها أكثر من نصف شروط العملية التربوية، ونفس الشيء بالنسبة لتربصات وتكوين شباب هذه الجمعيات…
إن عملية التفويت هذه ما هي امتداد لسياسة تخشى الشباب وتعمل بمنطق حرمانهم من بناء ذاتهم بشكل واع ومسؤول ومنخرط في القضايا الحقيقية للمجتمع.. هي امتداد لعدم إقرار وإعمال استراتيجية موجهة للشباب، والتي سبق أن نادى بها جلالة الملك في إحدى خطبه السامية… وهي امتداد للتلكؤ في إخراج مؤسسة دستورية موجهة للشباب والعمل الجمعوي …وهي امتداد لذلك الطمس الذي طال كل تلك المبادرات الجميلة التي انبثقت في الولاية الوزارية لمحمد الكحص، من جامعات شعبية وفعاليات ثقافية وفنية موجهة للشباب…وامتداد لما طال ويطال دور الشباب من خلال وضع أكبر عدد من العراقيل حتى لا يلجها الشباب…
وفي سياق الموضوع نشير إلى أن اتحاد المنظمات التربوية المغربية أصدر، في الأسبوع الماضي، بيانا يوضح فيه تداعيات هذا التفويت، يحمل عنوان “من أجل الدفاع عن مؤسسات وفضاءات الطفولة والشباب: لا لتفويت خدمة عمومية لصالح منطق الربح”…نتمنى أن يكون قاعدة لبرنامج وطني للترافع ولجبهة وطنية للدفاع عن مؤسسات الطفولة والشباب…لأن عملية قضم هذا القطاع من طرف أفواه لا تؤمن إلا بمنطق الصفقات والتفويتات بلغت حدا لا يطاق.. فاستهداف هذه الفئة العمرية هو استهداف للمستقبل ولطاقاته الخلاقة.