أثارت مناقشة مشروع قانون المالية 2025 تساؤلات جوهرية مؤخرا حول قدرات البرلمانيين على الارتقاء بجودة التشريع وتقديم إضافات نوعية تعكس تطلعات المواطنين وتستجيب لتحديات المرحلة.
فرغم أهمية هذا المشروع، الذي يحدد أولويات السياسات المالية والاقتصادية للدولة، يبرز الجدل حول عمق النقاش ومستوى التفاعل البرلماني، في ظل تسليط الضوء على القضايا الاجتماعية والاقتصادية التي تمس شريحة واسعة من المغاربة.
وفي هذا الصدد أكد محمد جدري، الخبير الاقتصادي، في تصريح لجريدة سفيركم، على ضرورة ارتقاء النقاش إلى مستويات أكثر عمقا وتأثيرا، مستطردا بالقول، “لكنه للأسف يظل بعيدا عن ذلك، خاصة فيما يتعلق بمناقشة القوانين التي تمس الحياة اليومية لفئات واسعة من المغاربة”.
وأضاف أن هذه القوانين تؤثر بشكل مباشر على أوضاع المواطنين الاجتماعية والمهنية، ومع ذلك، لا تحظى بالنقاش اللازم الذي يوازي أهميتها، على حد تعبير جدري.
وأوضح الخبير أن مشروع قانون المالية، الذي يحدد معالم الميزانية للسنة المقبلة في المغرب، لم يحظَ بالاهتمام الكافي من حيث الدراسة والنقاش، سواء داخل قبة البرلمان أو خارجها.
وأشار الخبير الاقتصادي إلى أنه على عكس السنوات السابقة، حيث كانت أحزاب الأغلبية والمعارضة تنظم أياما دراسية وندوات لمناقشة المشروع بعمق، شهدت سنة 2024 غيابا شبه تام لهذه المبادرات، سواء داخل البرلمان أو خارجه.
وتابع قائلا، “التفاعل مع المشروع اقتصر على تغطيات الإعلام العمومي والخاص، دون وجود نقاش سياسي معمق أو طاولات مستديرة تواكب أهمية الموضوع”.
واعتبر المتحدث ذاته أنه من الضروري اتخاذ خطوات أساسية لتعزيز أداء المؤسسات التشريعية والرقابية، حيث أكد على أهمية رفع “الإمكانيات المادية والبشرية للبرلمانيين”، وذلك من خلال تمكينهم من توظيف خبراء متخصصين في مجالات السياسة، الاقتصاد، الطاقة، والقانون؛ هؤلاء الخبراء، وفق قوله، سيساهمون في تحليل وفهم مشاريع القوانين وصياغة التعديلات المناسبة عليها.
كما شدد في تصريحه على أهمية تخصيص موارد مالية كافية للأحزاب السياسية وجمعيات المجتمع المدني، لتعزيز دورها الرقابي ومواكبة السياسات العامة، بما يساهم في رفع مستوى الوعي المجتمعي ودعم ثقافة المشاركة في عملية صنع القرار.
وختم جدري قوله بالتأكيد على أن غياب هذه الآليات حاليا يؤدي إلى تراجع مستوى النقاش إلى درجات متدنية، مشيرا إلى أن هذا الوضع “يؤثر بشكل كبير على إيصال المعلومات للمواطنين، ويعيق تحسين وتقييم السياسات العمومية التي تمس المصير الأساسي للمغاربة”.