قالت مجلة “جون أفريك” الفرنسية، إن القفطان، الذي يُعتبر رمزا للتراث الثقافي المغربي، أصبح اليوم أداة دبلوماسية للقوة الناعمة التي تسعى الرباط إلى تحصينها، خاصة في ظل التنافس الثقافي القائم على القفطان، إذ تسعى الجزائر إلى اعتباره كجزء من تراثها لدى منظمة اليونيسكو.
وأضافت المجلة في تقرير بعنوان “المغرب ودبلوماسية القفطان“، أن معركة القفطان ليست الأولى بين الجزائر والمغرب، حيث شهدت السنوات الأخيرة نزاعات مشابهة حول عناصر أخرى من التراث الثقافي المشترك مثل الكسكس والزليج والموسيقى.
وأشارت المجلة إلى أن المغرب يسعى لإدراج القفطان ضمن قائمة التراث الثقافي اللامادي للإنسانية في اليونسكو بحلول عام 2025، ما يعكس حرصه على حماية إرثه الثقافي من أي محاولات للاستحواذ أو التشكيك في جذوره.
ونقلت المجلة تصريحا عن وزير الثقافة المغربي، مهدي بنسعيد، الذي أكد أن القفطان يمثل جزءا أصيلا من التاريخ المغربي، ويعود ظهوره إلى فترة الدولة الموحدية في القرن الثاني عشر. وهو ما يتنافى مع ادعاءات جزائرية بأن القفطان ينتمي إلى تراثها.
ويرجع التصادم المغربي – الجزائري بشأن القفطان، حسب “جون أفريك”، بعدما أقدمت الجزائر في مارس 2023 على طلب إدراج زي نسائي تقليدي ضمن التراث العالمي، فتحرك المغرب على الفور واعترض على الخطوة، بعدما تبين أن الجزائر استخدمت صورا تظهر قفطانا مغربيا أصيلا من فاس، وقد أسفر الاعتراض المغربي عن استبعاده من التصنيف.
وتحدث تقرير “جون أفريك” على التحولات والتطورات التي شهدها القفطان المغربي مع مرور الزمن وتغير الثقافات، إلى أن أصبح رمزا للأناقة المغربية في العصر الوسيط، حيث ارتداه أعظم السلاطين مثل أحمد المنصور الذهبي ومولاي إسماعيل، مشيرة إلى أنه كان في البداية مخصصا للرجال، قبل أن يُصبح جزءا لا يتجزأ من الملابس النسائية منذ القرن الرابع عشر.
وبحسب المصدر نفسه، فإن القفطان شهد تطورا كبيرا في الألفية الثالثة، حيث أضيفت إليه لمسات عصرية جعلته يجذب الأنظار عالميا، وقد ساهم العديد من المصممين المغاربة في إدخاله إلى عالم الموضة الراقية، حيث أصبح حاضرا في فعاليات دولية مثل “أسبوع التراث المغربي” في أبوظبي.
وأشارت “جون أفريك” إلى أن المغرب يدرك أن التراث الثقافي ليس مجرد إرث ماض، بل هو أيضا وسيلة لتعزيز موقعه على الساحة الدولية، ما يفسر حرصه على إدراج عناصر متعددة من تراثه في قائمة اليونسكو، ودخوله في صراع قوي مع الجزائر لتحصين هذا التراث من السطو.
وتجدر الإشارة في هذا السياق إلى أن سفير المغرب لدى اليونيسكو، سمير الدهر، سبق أن أكد في تصريح لـ”سفيركم” على أن القفطان سيتم تسجيله باسم المغرب لدى اليونيسكو في سنة 2025.
وأوضح الدهر أنه وفقا لاتفاقية 2003 لا يتم تسجيل سوى عنصر واحد كل سنتين لدى المنظمة المذكورة، مشيرا إلى أن المغرب سجل في 2023 الملحون، وبالتالي سينتظر سنة 2025 لتسجيل القفطان.