كشف عبد الكريم الشافعي، نائب رئيس الجامعة المغربية لحقوق المستهلك، أن أزمة اللحوم في المغرب ستستمر، إذ أن تحقيق الاكتفاء الذاتي يتطلب سنوات، مشيرا إلى أن الإجراءات التي اتخذتها الحكومة لم تعط ثمارها، وأن المستفيد الأول من هذا الوضع هم أصحاب رؤوس الأموال، لافتا إلى ظاهرة الذبيحة السرية وذبح الكلاب والحمير.
وأشار رئيس الجمعية المغربية لتوجيه المستهلك بالمغرب الكبير، ورئيس الفيدرالية الجهوية لحقوق المستهلك بجهة سوس ماسة، في حوار أجراه معه موقع “سفيركم” الإلكتروني، إلى تأثير غلاء أسعار اللحوم على المواطن و”الكساب”، والأسباب الحقيقية الكامنة وراء هذا الوضع، معرجا على التدابير الحكومية المتخذة بهذا الخصوص، وكذا الحلول المقترحة لتجاوز هذه الأزمة.
وهذا نص الحوار:
في البداية، هل تتوقع استمرار أزمة اللحوم في المغرب؟
-فعلا، غلاء الأسعار سيظل أمرا بنيويا وواقعيا، يستوجب إعادة بناء القطيع الوطني، من أجل تحقيق الاكتفاء الذاتي، وهذا لن يتأتى إلا بعد سنوات من البناء، بمعنى أنه في حال سقوط الأمطار في هذه السنة، لا يمكن أن نتوقع وفرة اللحوم وعودة الأسعار إلى نصابها في السنة الموالية، بل يجب أن ننتظر على الأقل حوالي ثلاث سنوات.
هل توالي سنوات الجفاف هو سبب تراجع القطيع الوطني؟
-كجامعة، لا نظن أن غلاء أسعار اللحوم سببه توالي سنوات الجفاف مائة بالمائة، فإذا كان الأمر كذلك، لماذا حقق المغرب أرقاما قياسية وجاء في المراتب الأولى عالميا في تصدير الخضروات والفواكه إلى الخارج؟، خاصة وأن الجفاف يعني قلة الأمطار وقلة الماء، لماذا لم ينعكس هذا الجفاف على الخضر والفواكه، لا سيما وأن الأفوكادو تستنزف أطنانا من المياه، وهنا نلمس تناقضا كبيرا.
ما تأثير هذا الوضع على تجار المواشي والأغنام؟
-ما نلاحظه اليوم أن “الكساب”؛ بائع المواشي الصغير والمتوسط لا يقوى على مواكبة سنوات الجفاف، وهذا راجع إلى غلاء الأعلاف، ما جعل هذه الفئة تلتحق بركب الهجرة من البوادي والقرى إلى المدن، لتكون عرضة للبطالة التي بلغت رقما استدلاليا كبيرا.
ما مدى تأثر المواطن المغربي من ارتفاع أسعار اللحوم؟
-أثر غلاء الأسعار بشكل كبير على المغاربة خاصة ذوي الدخل المتوسط والضعيف، سواء تعلق الأمر بالفئة التي تقبل على اللحوم الحمراء وحتى البيضاء.
ما هي التدابير الحكومية المتخذة بهذا الشأن؟
-تحملت خزينة الدولة، في ظل غلاء الأسعار، أزيد من 2 مليار درهم، خلال الفترة الممتدة بين 2022 و 2024، حيث أعفت المستوردين من الرسوم الجمركية وكذا الضريبة على القيمة المضافة، واستهدفت هذه التدابير حتى مستوردي اللحوم المجمدة والمبردة، على غرار الذين استفادوا من استيراد القطيع والأبقار.
ذكرتَ قبل قليل اللحوم المجمدة والمبردة، هل يستفيد المواطنون المغاربة بالفعل من هذه اللحوم؟
-لا تصل اللحوم المجمدة والمبردة إلى المواطنين أو لمحلات الجزارة، بل يتم توزيعها على المطاعم والأسواق الكبرى.
هل أعطت هذه الإجراءات الحكومية ثمارها؟
-للأسف الشديد، لم تنعكس تدخلات الحكومة على أسعار اللحوم، التي حافظت على ارتفاعها، ما جعل موائد المغاربة تخلو من هذه المادة الحيوية، فسعر لحم البقر يتراوح الآن بين 100 و 120 درهم، بينما يبلغ لحم الغنم 140 درهما، فيما تجاوز لحم الماعز 150 درهما.
في نظرك، من يتحمل مسؤولية هذا الوضع؟
-ارتفاع أسعار اللحوم جاء نتيجة إخفاق الحكومة المغربية في تدبير هذا القطاع الحيوي، ونؤكد كجامعة لحماية المستهلك أن الاستيراد يبقى مجرد حل مؤقت لم يؤت النتائج المتوخاة منه، كما صرح وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، أحمد البواري، في البرلمان، أن الاستيراد يأتي لضمان تزويد السوق الوطنية باللحوم الحمراء، والحفاظ على القدرة الشرائية للمواطن المغربي.
بماذا تفسر استمرار غلاء أسعار اللحوم رغم التدابير و الإجراءات الحكومية المتخذة بهذا الخصوص؟
-الحكومة تركت السوق الوطنية مفتوحة أمام المستوردين واللوبيات، في غياب تام للتتبع والمراقبة، فهذه اللحوم تحظى بالدعم الحكومي إسوة بباقي المواد الغذائية الأخرى، من قبيل: السكر، الزيت، الدقيق، والغاز وغيرها، والتي بقيت أسعارها مسقفة. فما دامت قد دعمتها فمن واجبها أن تتتبع توزيعها، وانخفاض أسعارها، وكذا مدى استفادة المواطن منها.
أشرت إلى أن الحكومة دَعَمَتْ، والمواطن لم يستفد، في نظرك من المستفيد الأول من هذا الوضع؟
-أصحاب رؤوس الأموال هم من استفادوا من هذا الوضع، رغم أنهم ليسوا من مهنيي القطاع، كما أن الحكومة وضعت شروطا تعجيزية أمام مهنيي القطاع الراغبين في الاستفادة من الاستيراد.
هل يمكن اعتبار غلاء أسعار اللحوم وراء تشجيع الذبيحة السرية، لا سيما بعد حوادث الحجز على لحوم الحمير؟
-فعلا غلاء اللحوم الحمراء والبيضاء أدى إلى انتشار ظاهرة الذبيحة السرية، والأخطر من ذلك ذبح الكلاب والحمير، إذ تباع نسبة 80٪ من اللحوم خارج المراقبة البيطرية، أي ما يعرف بالذبيحة السرية، ما يؤثر سلبا على صحة المواطن المغربي، بسبب تناول هذه اللحوم غير الصحية، وكما شاهدنا جميعا مؤخرا في مقاطع الفيديو التي توثق للحجز على اللحوم الفاسدة، كما خرجنا نحن أيضا كلجان للمراقبة وضبطنا لحوم كلاب ورؤوس حمير ملقاة في حاويات القمامة.
في الأخير، ما هو الحل الذي تقترحونه كجامعة لتجاوز هذه الأزمة؟
-اقترحنا على الحكومة حل استيراد القطيع من موريتانيا، بحيث أن كبشا أو خروفا بمواصفات عالية ووزن يفوق 60 و 80 كيلوغرام، لا يتجاوز في موريتانيا سعر 1500 درهم، كما أن ثمن الأبقار منخفض جدا هناك، لا سيما وأن مجموعة من الشاحنات التي تصدر الخضر والفواكه لهذه الدولة تعود فارغة.