أثار تجدد النقاش حول سياسة تعويم الدرهم المغربي مخاوف عدد من المراقبين والخبراء الاقتصاديين، في ظل استمرار الضغوط الاقتصادية وتنامي تحديات الاستدانة الخارجية، رغم عدم صدور أي قرار رسمي بشأن تغيير قيادة بنك المغرب أو إحداث تعديل في توجهاته النقدية.
ويأتي هذا النقاش في سياق تتبع السياسات التي يشرف عليها بنك المغرب، لاسيما المرتبطة بتحديد أسعار الفائدة وتقديرات نسب النمو، التي كانت تثير في مرات عديدة جدلاً بسبب تضاربها مع أرقام الحكومة، فضلاً عن مسألة تعويم الدرهم التي تظل من القضايا الحساسة المرتبطة باستقرار الاقتصاد الوطني.
وفي هذا الإطار، قال الخبير الاقتصادي رشيد ساري، في تصريح لموقع “سفيركم”، إن “تعويم الدرهم ليس في صالح المغرب في الوقت الحالي، ومسألة إقراره لا ترتبط بشخص أو مسؤول بعينه، بل هو قرار سيادي للدولة ولمؤسساتها، يستند إلى توجهات الدولة الاقتصادية، وإلى قدراتها والمؤشرات الاقتصادية الوطنية والدولية”.
وأوضح ساري أن “تحرير أو تعويم الدرهم هو سياسة مالية ونقدية للدولة، وليست قرارا فرديا، لأنه يحمل تبعات اقتصادية واجتماعية كبيرة”، متسائلا: “هل نحن فعلا قادرون على المجازفة بالدخول في هذه العملية، علما أن الاقتصاد المغربي لا يزال هشا نسبيا لتحمل تداعيات مثل هذا القرار؟”.
وأضاف أن “هيكل الصادرات المغربية أضعف من الواردات، وهو ما يخلق اختلالا في الميزان التجاري، إضافة إلى ارتباطنا الوثيق بعملتي الدولار واليورو، ما يفرض علينا هامش تحرك محدود في حدود 3% ارتفاعا أو انخفاضا في قيمة الدرهم”.
وبخصوص الضغوط المحتملة، قال ساري: “حتى الآن، لا توجد ضغوط مباشرة لفرض التعويم، لكن مع استمرار الاستدانة من مؤسسات دولية كالبنك الدولي، قد نواجه في المستقبل ضغطاً غير مباشر للدخول في مرحلة التحرير الكامل للعملة، رغم أن المغرب لا يزال يمتلك السيادة الكاملة في اتخاذ القرار المناسب بهذا الخصوص”.
وحذر الخبير الاقتصادي من أن “سيناريو التعويم الكامل قاتم”، معتبراً أن “العملة الوطنية ستصبح عرضة لمخاطر كبيرة، ما سيؤدي إلى ارتفاع معدلات التضخم وتراجع قيمة الدرهم، كما حدث في تجارب دول أخرى مثل مصر وتركيا”.
وختم ساري بالقول إن “القرار يتطلب دراسة عميقة لتداعياته، ومرحلة دقيقة من الإصلاحات الاقتصادية الهيكلية، قبل التفكير في المضي نحو أي شكل من أشكال التعويم الشامل”.