يحتفل المغاربة يوم غد 11 يناير، بالذكرى الـ 81 لتقديم وثيقة الاستقلال التي طالب فيها المغاربة السلطات الفرنسية صراحة، بإنهاء معاهدة الحماية الموقعة سنة 1912، لتكون بذلك هذه المبادرة أول التطلعات الرسمية نحو الاستقلال.
إلى فرنسا وإلى السلطان
شكلت وثيقة المطالبة بالاستقلال أولى الخطوات المغربية الرسمية نحو التحرر، بعدما كان المغاربة يكتفون، قبل ذلك، بمطالبة سلطات الحماية الفرنسية بالإصلاحات. وقد حملت هذه الوثيقة توقيع 67 شخصية كانت من بينهم امرأة واحدة.
ورفع الموقعون الوثيقة إلى سلطات الحماية الفرنسية، كما وجهوا نسخة أخرى إلى السلطان محمد بن يوسف، يدعونه فيها إلى إقرار نظام “شوري” أي ديمقراطي” بعد رحيل فرنسا.
وجاء في نص الوثيقة أن “حزب الاستقلال يلتمس من جلالته أن يشمل برعايته حركة الإصلاح التي توقف عليها المغرب في داخله، ويكلُ لنظره السديد إحداث نظام سياسي شوري شبيه بنظام الحكم في البلاد العربية الإسلامية بالشرق، تحفظ فيه حقوق سائر عناصر الشعب وسائر طبقاته، وتحدد فيه واجبات الجميع”.
وتضمنت وثيقة المطالبة بالاستقلال جملة من المطالب السياسية، أهمها استقلال المغرب تحت قيادة سلطان البلاد محمد بن يوسف، والسعي لدى الدول التي يهمها الأمر لضمان هذا الاستقلال.
وطالبت بمنح المغرب عضوية عصبة الأمم، المنظمة التي ستصبح لاحقا منظمة الأمم المتحدة. وعلى المستوى الداخلي طالبت بإحداث نظام سياسي شوري شبيه بنظام الحكم في البلاد العربية والإسلامية بالشرق تحفظ فيه حقوق وواجبات كافة فئات وشرائح الشعب المغربي.
الاعتقالات.. بداية النهاية
بعد استلام السلطات الفرنسية لوثيقة المغاربة، سارعت إلى شن حملة اعتقالات واسعة طالت في البدء الشخصيات التي سهرت على الإعداد والتعبئة لتقديم الوثيقة، لتتوسع شيئا فشيئا أعداد المعتقلين.
وتعرض المعتقلون وفق ما توثقه المصادر التاريخية، “لكافة أنواع التعذيب والتنكيل والإهانة من ضرب وإصابة بالكهرباء، وغطس في الماء، وتعليق من الأرجل، وإنهاك عصبي وترهيب نفسي”.
فتيل الاحتجاجات
بعد حملة القمع والاعتقال والاستنطاق الزعماء الموقعين على الوثيقة، استشاطت القواعد الشعبية غضبا، لتندلع المظاهرات والاحتجاجات.
وحدثت أعنف هذه الاحتجاجات بالعاصمة الرباط، بعد انتشار خبر اعتقال الزعماء الوطنيين بسجن العلو. لتجتاح المظاهرات شوارع المدينة مطالبة بإطلاق سراح المعتقلين ورافعة شعار الاستقلال.
ومن الرباط انتقلت الشعلة إلى مدن أخرى كفاس ومكناس خاصة بعد اندلاع مواجهات دامية إثر تدخل السلطات الفرنسية بالنار والرصاص لقمع المتظاهرين.
وتسارعت الأحداث الوطنية بعدها لتقوم في نهاية المطاف سلطات الحماية بنفي السلطان، وهو الحدث الذي أشعل فتيلا شعبيا انتهى بعودة الملك وإعلان استقلال البلاد سنة 1956.