في كل عام، تحلّ ذكرى عيد الاستقلال بالمغرب في 18 نونبر، لتعيد للأذهان ملحمة بطولية من النضال الوطني، وتحتفي بواحدة من أبرز اللحظات في التاريخ الحديث للبلاد، حين تحررت من نظام الحماية الفرنسي وأعلنت استقلالها في عام 1956.
وتعتبر هذه المناسبة رغم طابعها الاحتفالي، مناسبة للتذكير بتاريخ طويل من الكفاح والمقاومة الشعبية والمسلحة والسياسية بتلاحم مع النظام الملكي العلوي.
وبدأت قصة الاستعمار مع توقيع “معاهدة فاس” عام 1912، حيث قُسّم المغرب إلى مناطق تحت النفوذ الفرنسي والإسباني، مع تخصيص طنجة كمنطقة دولية.
وفرض هذا الوضع قيودًا على سيادة المملكة، حيث أصبحت القرارات السياسية والاقتصادية تحت سيطرة المستعمرين.
ولم يكن الاستعمار مجرد هيمنة سياسية؛ بل كان محاولة لطمس الهوية الوطنية والثقافية للشعب المغربي. ومع ذلك، لم يخضع المغاربة لهذه الهيمنة بسهولة، بل انطلقت شرارة المقاومة منذ الأيام الأولى للاحتلال.
وتميزت فترة الاستعمار بظهور حركات مقاومة شعبية، قادها رموز مثل عبد الكريم الخطابي في الريف، الذي قاد حربًا ضارية ضد الإسبان خلال عشرينيات القرن الماضي، محققًا انتصارات أدهشت العالم، ومعركة أنوال خير شاهدة على ذلك.
إلى جانب شيخ المقاومين، عبد الكريم الخطابي، ظهرت مقاومات أخرى في الجنوب والشمال، أبدى خلالها المغاربة تضحيات جسيمة في سبيل الحرية، إذ لا يمكن للمغاربة نسيان أسماء مقاومين مثل عسو أوبسلام وأحمد الهيبة ماء العينين.
ومع تطور الأحداث، انبثقت حركات وطنية ذات طابع سياسي، حيث لعبت أحزاب مثل حزب الاستقلال دورًا محوريًا في تنظيم المقاومة وبلورة المطالب الشعبية.
وكان للمثقفين والزعماء السياسيين، أبرزهم مؤسس حزب الاستقلال، علال الفاسي، دور كبير في توحيد الصفوف والتواصل مع الملك محمد الخامس لتوجيه حركة التحرر.
وكان للملك محمد الخامس دور تاريخي في الكفاح ضد الاستعمار، ففي عام 1953، وفي خطوة أظهرت رفض المغرب لما سمي “نظام الحماية”، قررت السلطات الفرنسية نفي الملك وأسرته إلى مدغشقر، حدث أدى إلى تأجيج شعلة المقاومة، وتعزيز الالتفاف الشعبي حول الملك كرمز للوحدة الوطنية.
وفي 16 نوفمبر 1955، عاد الملك محمد الخامس إلى أرض الوطن وسط استقبال شعبي مهيب، وأعلن في خطاب تاريخي عن إنهاء نظام الحماية وبدء مرحلة جديدة من الاستقلال. وبعد أقل من عام، وتحديدًا في 18 نوفمبر 1956، أُعلن استقلال المغرب رسميًا، وانطلقت رحلة بناء الدولة الحديثة.
اليوم، وبعد 69 عامًا على الاستقلال، يحتفل المغاربة بهذه الذكرى بفخر واعتزاز، في تكريم لذكرى المقاومين والشهداء، وتجديد للعهد بمواصلة بناء وطن قوي ومستقل.
تعليقات( 0 )