أكدت صحيفة الغارديان البريطانية، أن اختبارات الحمض النووي شهدت ارتفاعا كبيرا، في صفوف الأشخاص الذين يسعون إلى الكشف عن أصولهم العائلية أو التقدم بطلب جنسية إلى دولة أخرى، حيث وصل عددها إلى ما مجموعه 40 مليون اختبار، وذلك منذ السماح بإجرائها للمرة الأولى في سنة 2000.
وجاء في تقرير على صحيفة الغارديان، أن العديد من الأشخاص يقومون بإجراء اختبارات الحمض النووي، عبر شركات مختلفة، مثل: “Ancestry” و”23andMe” و”MyHeritage”، من أجل استكشاف أصولهم أو جزء غير معروف من هويتهم، في حين يأمل آخرون العثور على آباء أو أشقاء أو أقارب جدد.
وأكدت الصحيفة أن العديد من الناس يستخدمون نتائج اختباراتهم بطريقة جديدة، من أجل التقدم بطلب للحصول على جنسية دول أخرى، حيث قالت البروفيسورة توري كينغ، مديرة مركز ميلنر للتطور بجامعة باث: “كلما زاد عدد الأشخاص الذين يجرون اختبارات الحمض النووي، وكلما اكتشفوا أصولهم ومن هم آبائهم البيولوجيون، ترتفع نسبة استخدامهم لهذه النتائج من أجل التقدم للحصول على جنسية بلد معين”.
وتوقعت كينغ، التي تقدم أيضا برنامج “أسرار العائلة عبر الحمض النووي” على شبكة “بي بي سي”، أن يصبح اختبار الحمض النووي وسيلة أسهل وأكثر شيوعا لبعض البريطانيين للحصول على جنسية مزدوجة في المستقبل، مؤكدة أن نطاق استخدام نتائج الحمض النووي للظفر بجنسية بلد آخر سيرتفع.
وأشارت إلى أن جوازات السفر الإيرلندية، التي تمنح عضوية في الاتحاد الأوروبي، ستكون من بين الأكثر طلبا، لا سيما وأنه لعقود طويلة، تم إجبار الأمهات الإيرلنديات العازبات على التخلي عن أطفالهن من أجل التبني في بريطانيا.
ومن جانبه، ذكر متحدث باسم وزارة الشؤون الخارجية الإيرلندية، أن الأشخاص الذين يسعون للحصول على الجنسية الإيرلندية بدأوا بالفعل في استخدام نتائج اختبارات الحمض النووي للمساعدة في إثبات حقهم في الجنسية من خلال أحد الوالدين، مبرزا أن هذه الأدلة مقبولة في طلبات جواز السفر.
ولفتت الغارديان إلى أن ريتشارد سايرز، الذي ظهر في برنامج “أسرار العائلة عبر الحمض النووي” في عام 2022، يعد من بين أوائل البريطانيين الذين استخدموا قاعدة بيانات الأنساب الجينية للحصول على جنسية أيرلندية كأحد مواطني الاتحاد الأوروبي، موضحة أنه كان قد تعرف على أخيه غير الشقيق من خلال اختبار الحمض النووي، الذي كشف عن هوية والده الإيرلندي، الذي ينحدر من غالواي.
وفي هذا الصدد، قال سايرز، الذي ولد وترعرع في ليفربول وكان يعتقد سابقا أنه الابن الوحيد لأسرته: “ذهبت إلى البرنامج لأنني لم أكن أعرف من هو والدي أو من أين أتى: أمي، التي توفيت، كانت تبتكر قصصا مختلفة”، وأضاف: “كنت أريد بعض الإجابات”.
وعقب عرض البرنامج، استخدم سايرز أدلة الحمض النووي، وبمساعدة والده، تقدم بنجاح للمحاكم البريطانية للحصول على تصريح رسمي عن نسبه الحقيقي لتعديل شهادة ميلاده التي تعود إلى 54 عاما، وبهذا تمكن من التقدم بنجاح للحصول على جواز سفر إيرلندي.
وقال سايرز: “لطالما حلمت بالعيش في الخارج عندما أكون أكبر سنا”، وفي غضون أسابيع من وصول جواز سفره الإيرلندي، قرر هو وزوجته الانطلاق في “مغامرة العمر”: باعا منزلهما في فورمبي، ميرسيسايد، وانتقلا إلى لا مانغا في إسبانيا في يناير، مبديا إعجابه بالمنطقة، حيث قال: “نحن نعشق الحياة هنا”.
وفي العام الماضي، تتبعت سارة كلاكستون، الرياضية السابقة في فريق بريطانيا العظمى، والدها الأمريكي من خلال اختبار الحمض النووي الذي ربطها بأحد أحفاده، وقالت: “كانت أمي تعرف فقط لقبا لوالدي”، وأضافت: “عندما اكتشفت أنها حامل بي، كان قد عاد بالفعل إلى الولايات المتحدة”.
وتعتزم كلاكستون، التي تنتمي إلى أصول أمريكية من والدها، تعديل شهادة ميلادها بمساعدة والديها للتقدم بطلب للحصول على الجنسية الأمريكية والتعرف على والدها وباقي عائلتها الأمريكية بشكل أفضل، حيث قالت: “أريد الحصول عليها وربما أعيش هناك”.
وبدورها أوضحت لويسا جيفارت، محامية متخصصة في قانون الأسرة في المملكة المتحدة، أنها تتلقى ما بين ثلاث إلى خمس استفسارات شهريا من أشخاص يرغبون في الحصول على استشارة قانونية حول كيفية تصحيح شهادة ميلاد غير مكتملة أو غير دقيقة.
وقالت إن معظمهم قد تتبعوا آباءهم البيولوجيين، من خلال اختبار الحمض النووي أو يفكرون في القيام بذلك، وأضافت: “سنشهد المزيد من هذه الطلبات، لأن المزيد من الأشخاص من المرجح أن يجروا هذه الاختبارات”.
وأوضحت أن هناك ثلاثة أسباب رئيسية وراء رغبة عملائها في إضافة أسماء آبائهم البيولوجيين إلى شهادات ميلادهم، قائلة: “أرى انقساما بين من لديهم دعاوى وراثية، ومن يركزون على الهوية الشخصية والتراث، ومن يسعون للحصول على الجنسية”.
وأضافت: “الأمر متنوع، كما هو متوقع، ولكن أعتقد أن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي قد جعل الكثيرين يدركون فوائد الحصول على جنسية إحدى دول الاتحاد الأوروبي”.
وخلصت صحيفة الغارديان إلى الإشارة إلى أن استخدام اختبار الحمض النووي، للحصول على جنسية إحدى دول الاتحاد الأوروبي، يمكن أن يصبح فيما بعد مسألة شائعة بين مواطني المملكة المتحدة، وحتى المهاجرين وطالبي اللجوء الراغبين في الحصول على الجنسية.
تعليقات( 0 )