كشف المحلل السياسي وخبير العلاقات الدولية؛ محمد شقير، أن تناول الصحافة العبرية لمقترح نقل الفلسطينيين إلى المغرب، الذي أثار ضجة عالمية واسعة، يدخل ضمن “السفسطة السياسية”، مؤكدا أن هذا المقترح “ضرب من الدجل السياسي”، وأن المغرب لا يمكن أن يقايض القضية المغربية بالقضية الفلسطينية.
واعتبر محمد شقير، في تصريح خص به موقع “سفيركم” الإلكتروني، أن تناول الصحافة العبرية لهذا الموضوع، يدخل ضمن السفسطة السياسية، التي تعني استخدام الحجج المضللة أو المغالطات المنطقية في الخطاب السياسي بهدف التلاعب بالرأي العام أو تشويه الحقائق لتحقيق مكاسب سياسية.
وأكد المتحدث ذاته على أهمية مناقشة السفسطة السياسية، والرد عليها، لأن في ذلك انسياقا لتحرير النقاش حول طرح الحلول السياسية للقضية الفلسطينية، التي استأثرت باهتمام الساحة السياسية العالمية، ولا سيما بعد الحرب الأخيرة.
وأبرز شقير أن هذه الحرب أكدت أنه لا يمكن أن يتحقق الاستقرار أو السلام في المنطقة، إلا بتفاوض مع الفلسطينيين وتنظيماتهم السياسية، مشيرا إلى أن مراسيم تسليم الأسرى التي تمت مؤخرا قد كرست شرعية حركات المقاومة الفلسطينية والاعتراف بوجودها السياسي.
وقال إن “طرح الرئيس ترامب لمثل هذه الأفكار يدخل ضمن فكره الشعبوي، وتفكيره كرجل أعمال وليس كرجل سياسة لدولة عظمى كالولايات المتحدة”.
وشدد شقير على أن التداول الإعلامي لمسألة نقل الفلسطينيين إلى دول عربية، من بينها المغرب، يعد “ضربا من الدجل السياسي”، لا سيما بعد الرفض القاطع الذي عبرت عنه كل من الأردن ومصر اتجاه مقترح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
وتسائل شقير قائلا: “كيف يعقل أن يقبل بذلك المغرب وهو أبعد جغرافيا عن المنطقة، كما أنه من أكثر الدول العربية التي انتقدت سياسة إسرائيل العدوانية رغم اتفاقية أبراهام التي تجمع بين الدولتين، وعلى الرغم من الاعتراف الرسمي لحكومة نتنياهو بمغربية الصحراء على غرار الاعتراف الأمريكي”.
ولفت إلى أن ربط الإعلام الإسرائيلي بين توطين سكان غزة بالمغرب أو الصومال أو بونتلاند، يستبطنه انتقاص كبير من الدولة المغربية من خلال مقارنتها بكيان أرض الصومال أو بونتلاند، وهي كيانات مازالت تبحث عن شرعيتها الدولية والإقليمية.
واستطرد أن صمت الديبلوماسية المغربية والإعلام المغربي عن هذه “الترهات السياسية” يعد “أفضل جواب” يمكن الرد به على هذا “التجديف السياسي”، وهو مصطلح يعني الإهانة أو السخرية أو الاستخفاف بالرموز أو القيم والثوابت السياسية المقدسة.
وقال إن المغرب، بوصفه دولة ذات سيادة، لا يمكن أن يقبل بهذا الحل على حساب القضية الفلسطينية، التي تعتبر، منذ ستينيات القرن الماضي، من بين ثوابت سياسته الخارجية، مشيرا إلى مؤتمر القمة العربية المنعقد بالعاصمة الرباط في سنة 1974، الذي تم فيه اعتماد منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، إلى جانب مؤتمري فاس اللذان تم فيهما الدفع بالقضية الفلسطينية.
وشدد على أن “المغرب لا يمكن أن يقايض القضية المغربية بالقضية الفلسطينية، بل سيسعى دائما إلى تطبيق حل الدولتين”، وذلك رغم العلاقات الاستراتيجية التي تربطه بالولايات المتحدة، ورغم اتفاقيات أبراهام، التي تم بموجبها استئناف العلاقات الخارجية مع إسرائيل، والاعتراف الأمريكي بمغربية الصحراء.
وخلص بالتأكيد على أن تطبيق حل الدولتين أكد عليه الملك محمد السادس، باعتباره رئيسا للجنة القدس، ويحتضن وكالة بيت مال القدس، التي تبذل جهودا متواصلة للحفاظ على هوية هذه المدينة المقدسة، ودعم سكان كل من الضفة وغزة والقضية الفلسطينية، ليس بوصفها “قضية قومية” بل أيضا بوصفها “قضية عادلة”.
وتجدر الإشارة إلى أن صحيفة “ذا جيروزاليم بوست” كانت قد نقلت عن القناة الإسرائيلية “N12″، في تقرير نشرته يوم الأربعاء 6 فبراير الجاري، أن الإدارة الأمريكية الحالية تدرس مقترح نقل المواطنين الفلسطينيين إلى ثلاث مناطق محتملة، ويتعلق الأمر بالمغرب والصومال وبونتلاند.