استطاع السياسي الفرنسي من أصول مغربية؛ عثمان نصرو من أن يتصدر محركات البحث وعناوين الصحف والمجلات العالمية، التي بدأت تتساءل عن خلفية الرجل الذي أصبح أحد أبرز وجوه الحكومة الفرنسية الجديدة بقيادو ميشيل بارنييه، بعد تعيينه في يوم السبت الماضي، مكلفا بملف المواطنة ومحاربة التمييز، ما يعكس الاعتراف الفرنسي المتواصل بالكفاءات المغربية.
بدأت رحلة عثمان نصرو، المزداد في الـ13 يوليوز من سنة 1987 في مدينة الدار البيضاء، بالمغرب، حيث تلقى تعليمه في مدرسة “ليوطي” الفرنسية الشهيرة، قبل أن ينتقل إلى فرنسا حيث أكمل دراسته في “ليسيه سانت جنفييف” في فرساي، ثم تخرج في سنة 2012 من كلية إدارة الأعمال “HEC Paris“، وبحصوله على الجنسية الفرنسية خلال نفس السنة، بدأ نصرو مساره السياسي الذي لم يتأخر في الوصول إلى مواقع قيادية.
وما يطبع مسيرة عثمان نصرو، هو ذلك المزيج بين التفوق الأكاديمي والطموح السياسي، الذي دفعه في سنة 2014 إلى الانخراط في المشهد السياسي، بعد انتخابه عضوا في المجلس البلدي لمدينة تراب في ضواحي باريس، وسرعان ما أسس حركة “مواطني تراب”، التي نجحت في أن تصبح قوة معارضة رئيسية في المدينة خلال الانتخابات البلدية.
وفي عام 2015، تم انتخابه كعضو في المجلس الإقليمي لمنطقة إيل دو فرانس تحت رئاسة فاليري بيكريس، حيث تولى مسؤوليات مهمة وتدرج في مناصب وازنة في مجالات السياحة والشؤون الدولية، إلى أن أصبح نائب رئيس المنطقة المسؤول عن الشباب والتعليم العالي.
وكثيرا ما عكست خرجاته الإعلامية حبه للمغرب واعتزازه بجذوره وأصوله، إلى جانب التزامه بالدفاع عن قيم الجمهورية الفرنسية، ففي مقال صحفي نُشر في سنة 2019، عبر نصرو عن إعجابه العميق بالثقافة الفرنسية قائلا: “ولدت في المغرب حيث نشأت على حب فرنسا وأدبها وأفكارها العالمية، كنت مفتونا بشخصية الجنرال ديغول، وقد درست بجد وحققت النجاح في امتحانات تنافسية لم أخجل من اجتيازها.”
ويعتبر عثمان نصرو من الشخصيات المثيرة للجدل في المشهد السياسي الفرنسي، خاصة بمواقفه الصارمة تجاه قضايا الهجرة والأمن، فعلى الرغم من أنه قدم كمهاجر من أجل الدراسة في فرنسا، إلا أن تصريحاته المتعلقة بالهجرة كانت دائما صارمة، وهو ما جلب له انتقادات واسعة.
ففي تصريحات سابقة، تبنى خطابا رافضا للهجرة، وصف فيه توافد المهاجرين إلى فرنسا بأنه “إغراق جماعي”، ما أثار انتقادات واسعة على وسائل التواصل الاجتماعي.
على الرغم من هذه الانتقادات، يظل نصرو شخصية محورية في الحزب الجمهوري الفرنسي، حيث يعتبر جزءا من جناحه المحافظ، المقرب من وزير الداخلية الحالي برونو ريتايو، كما كان قد تم تكليفه بمهمة الناطق الرسمي باسم فاليري بيكريس في حملته الانتخابية لسنة 2022.
قبل أيام قليلة، أعلنت الحكومة الفرنسية من قصر الإليزيه عن تعيين نصرو بملف المواطنة ومحاربة التمييز، وهو منصب حساس يتطلب منه مواجهة تحديات كبيرة تتعلق أساسا بالاندماج وتعزيز قيم المواطنة داخل المجتمع الفرنسي.
وتضم التشكيلة الحكومية الفرنسية الجديدة، إلى جانب عثمان نصرو، سياسية مغربية أخرى، ويتعلق الأمر برشيدة داتي التي احتفظت بمنصبها كوزيرة للثقافة، ما يعكس الحضور القوي للجالية المغربية في الساحة السياسية الفرنسية، الرامية إلى بناء مسار سياسي ناجح دون أن التنكر لجذورهم.
تعليقات( 0 )