لم يكن يعلم غايلورد نيلسون أن لحظة تأمله على متن طائرة عائدة من كارثة بيئية، ستوصله إلى فكرة “يوم الأرض”، والتي ستتحول فيما بعد إلى احتفاء عالمي بالبيئة، ممهدة الطريق لتأسيس وكالة حماية البيئة الأمريكية وسن قوانين بيئية تاريخية.
وتعود الفكرة بحسب موقع “CBS” الأمريكي، إلى سنة 1969، عندما زار غايلورد نيلسون موقع إحدى أسوأ الكوارث البيئية في تاريخ الولايات المتحدة آنذاك، حيث وقع تسرب نفطي قبالة سواحل سانتا باربرا في كاليفورنيا، وخلال رحلة عودته إلى واشنطن، قرأ نيلسون مقالا عن “الاعتصامات الطلابية” الرافضة لحرب فيتنام.
وأضاف المصدر ذاته أن غايلورد أدرك حينها أنه يمكن استخدام الاعتصام في التوعية البيئية، وفي تلك الفترة تكونت لديه فكرة “يوم الأرض”، الذي يُحتفى به في الـ22 أبريل من كل سنة، موضحا أنه قدم فور عودته إلى واشنطن، مشروع قانون جعل هذا اليوم عيدا عالميا، بات يعرف مشاركة أكثر من مليار شخص من حوالي 200 دولة.
وكان هدف يوم الأرض في البداية، دعوة المعلمين والأساتذة في مختلف الولايات الأمريكية إلى خوض نقاشات بيئية مع طلابهم، لكن خرج حوالي 20 مليون أمريكي من طلبة، وأساتذة، وعمال، ونشطاء إلى الشوارع في تظاهرات سلمية، وحملات تنظيف، وزراعة الأشجار، إضافة إلى فعاليات ثقافية وحفلات موسيقية.
وذكر الموقع أن اختيار تاريخ 22 أبريل للاحتفاء بهذا اليوم ليس اختيارا عشوائيا، بل لأنه يتوسط الفترة بين عطلة الربيع والامتحانات في الجامعات الأمريكية، مبرزا أن نجاح هذه الفكرة يعود إلى الطابع الشعبي للتظاهرات التي جابت الشوارع الأمريكية.
وأورد المصدر ذاته تصريح تيا نيلسون، وهي ناشطة بيئية وابنة غايلورد نيلسون، أكدت فيه أن والدها لم يفرض صيغة موحدة، بل شجع كل مجتمع على التفاعل بما يناسبه، وأنه كان يحلم بأن يعيش البشر في “بيئة يسودها الاحترام المتبادل بين البشر وسائر الكائنات”، لكنه كان يدرك أن ذلك يتطلب التزاما طويل الأمد على المستوى السياسي والأخلاقي والمالي.
وأردفت تيا نيلسون أن الطريق نحو توسيع الوعي البيئي يكمن في “إشراك الجميع، وليس المهتمين فقط”، داعية إلى توسيع الحوار البيئي ليتجاوز دائرة النشطاء التقليديين، قائلة: “علينا ألا نخاطب فقط من هم مقتنعون سلفا، بل أن نُكبر الدائرة ونقنع من لم يفكر بعد في أهمية البيئة”.