توفي هورست كولر، الرئيس الألماني السابق والمبعوث الأممي السابق إلى الصحراء المغربية، السبت 1 فبراير الجاري، عن عمر يناهز 81 سنة في برلين، بعد معاناة مع المرض.
وجاء في رسالة تعزيه أرسلها مكتب الرئيس الألماني الحالي؛ فرانك فالتر شتاينماير، لزوجة الراحل: “سيحزن الكثيرون في بلادنا لفقدان رجل كان يحظى بتقدير واسع وشعبية كبيرة، وحقق إنجازات عظيمة لوطننا وللعالم”.
وأضاف في الرسالة: “لقد أسرت شخصيته القلوب بفضل قربه من الناس، وتفاؤله وإيمانه بقدرات بلدنا وإبداع شعبه. لكنه كان أيضا صريحا في مواقفه، حتى لو لم تكن دائما مريحة، ما أكسبه احترام الجميع”.
وذكرت تقارير إعلامية دولية أن كولر قد رحل تاركا خلفه إرثا سياسيا وإنسانيا غنيا، مبرزة أنه ترك أسرة مكونة من زوجته إيفا لويز، وابنته أولريكه، وابنه يواخيم.
وشغل الراحل خلال الفترة الممتدة من سنة 2017 إلى 2019، منصب المبعوث الأممي إلى الصحراء المغربية، حيث كان قد استهل مهمته مباشرة بعد تعيينه في غشت 2017، باجتماع مع الملك محمد السادس، في شهر أكتوبر من نفس السنة.
وأجرى كولر، الذي جاء خلفا للمبعوث السابق كريستوفر روس، الذي كان قد اتهم بالتحيز لصالح الجزائر والبوليساريو، جولة زار فيها مخيمات تيندوف واجتمع فيها مع مسؤولين جزائريين.
وقام في السنة الموالية بزيارات مماثلة إلى الأقاليم الجنوبية المغربية، ولا سيما مدن العيون، الداخلة والسمارة، التي عاين فيها المشاريع التنموية ومستوى التقدم الاقتصادي المحرز، في إطار النموذج التنموي للأقاليم الجنوبية.
وعقد الراحل خلال زيارته إلى الأقاليم الجنوبية للمملكة، سلسلة من اللقاءات مع المنتخبين، وشيوخ وأعيان القبائل الصحراوية، وممثلي المجتمع المدني، بالمدن المذكورة، الذين أكدوا له أن الحل الوحيد للنزاع المفتعل حول الصحراء المغربية يكمن في مبادرة الحكم الذاتي.
وكان الراحل معروفا بمواقفه العادلة، حيث كان قد أعرب عن رضاه عما شاهده في زيارته إلى الأقاليم الجنوبية، مشددا على أن التسوية النهائية لهذا الملف ستؤدي إلى مزيد من الاستثمار، وخلق مناصب لفائدة الشباب بالمنطقة.
وساهم كولر بشكل كبير في الدفع بالمفاوضات المتعلقة بقضية الصحراء نحو الأمام، ما جعله يحظى بإشادة كبيرة من قبل السلطات المغربية، حيث سبق ونوهت وزارة الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين في الخارج، عقب تقديم استقالته في سنة 2019، لأسباب صحية، بالثبات والاستعداد والمهنية التي تحلى بها في تأديته لمهامه كمبعوث أممي.
ووُلد هورست كولر في 22 فبراير 1943 في بولندا المحتلة من قبل النازيين، لأسرة ألمانية من المزارعين كانت تعيش في رومانيا، وهاجرت أسرته بعد الحرب، إلى ألمانيا، حيث استقرت في البداية في لايبزيغ، ثم انتقلت في سنة 1954 إلى ألمانيا الغربية.
وشغل كولر عدة مناصب بارزة، قبل أن يصبح رئيسا، من بينها عمله في وزارة المالية الألمانية، حيث كان مستشارا اقتصاديا للمستشار هيلموت كول، كما لعب دورا مهما في صياغة الإطار القانوني لعملة اليورو، وشارك أيضا في مفاوضات توحيد ألمانيا خلال سنة 1990.
وتولى فيما بعد رئاسة البنك الأوروبي للإنشاء والتعمير، ثم أصبح مديرا لصندوق النقد الدولي في سنة 2000، بعد حصوله على دعم أمريكي عقب رفض واشنطن لمرشح برلين الأول.
وشغل كولر خلال الفترة الممتدة من سنة 2004 إلى 2010، منصب الرئيس الاتحادي لألمانيا، وجاء تقلده لهذا المنصب في وقت كانت تمر فيه ألمانيا من إصلاحات اقتصادية وتعديلات على نظام الرفاه الاجتماعي، إذ كان يؤمن بأهمية التغيير، وكان يقينا من أن بلاده تملك القدرة على مواكبة التطورات.