ما مصير المهاجرين القاصرين المغاربة في إسبانيا بعد بلوغ سن الرشد؟

تثير قضية المهاجرين القاصرين المغاربة غير المصحوبين بذويهم جدلا كبيرا في إسبانيا، حيث تطرح التحديات التي يواجهونها عند وصولهم إلى الأراضي الإسبانية العديد من التساؤلات حول حقوقهم ومستقبلهم، فعلى الرغم من الحماية والدعم الذي توفره القوانين الإسبانية للقاصرين، إلا أن هذه المساعدات تنتهي بمجرد بلوغهم سن الرشد، ما يجعلهم في مواجهة مصير مجهول.

وتشير إحصائيات رسمية صادرة عن الحكومة الإسبانية إلى وصول حوالي 19,000 مهاجر، معظمهم من غرب إفريقيا، إلى جزر الكناري خلال النصف الأول من سنة 2024 الجارية، بزيادة بنسبة 167% عن نفس الفترة من السنة الماضية. وتتسبب هذه الزيادة الكبيرة في أعداد المهاجرين في ضغوط هائلة على البنية التحتية، مما يفرض تحديات إضافية في توفير الدعم اللازم لهؤلاء الشباب وإدماجهم في سوق الشغل.

عبد اللطيف بوهلال.. قصة من بين آلاف القصص

وذكرت وكالة رويترز الدولية للأنباء، في قصة خبرية نزلتها يوم أمس، قصة المغربي عبد اللطيف بوهلال، الذي وصل وحيدا في سن الـ15 سنة، إلى جزيرة جران كناريا الإسبانية، بعد رحلة بحرية محفوفة بالمخاطر. فعقب إنقاذه في البحر، أمضى ثلاث سنوات في مركز استقبال للقاصرين غير المصحوبين بذويهم، ولكن بمجرد بلوغه سن الرشد، اضطر لمغادرة المركز والبحث عن مأوى بنفسه.

صورة الشاب المغربي عبد اللطيف بوهلال، من حواره مع وكالة رويترز الدولية للأنباء

صورة الشاب المغربي عبد اللطيف بوهلال، من حواره مع وكالة رويترز الدولية للأنباء

وقال بوهلال في تصريح لوكالة رويترز: “في نفس اليوم الذي بلغت فيه 18 عاما، ألقوا بي في الشوارع مثل الكلب”، مبرزا أنه يعيش الآن في خيمة مؤقتة على شاطئ إل كابرون في بلدة أريناجا.

وأكدت الوكالة أن السلطات الإسبانية تواجه صعوبة في معالجة الوثائق اللازمة ليتمكن من العمل في إسبانيا، مما اضطره للنوم في العراء وطلب المال، وعلى الرغم من أن القانون الإسباني يكفل للقاصرين غير المصحوبين بذويهم حقهم في الحصول على الرعاية، إلا أن هذا الحق ينتهي بمجرد بلوغهم سن الرشد، ما يتركهم في مواجهة مصير غير معروف.

واقع مرير وأحلام مؤجلة

قصة بوهلال هي واحدة من آلاف القصص التي أبطالها شبان مغاربة خاطروا بحياتهم للوصول إلى أوروبا عبر طريق قد يواجهون فيه الموت، بهدف الهروب من واقع مرير ليجدوا أنفسهم في مواجهة أحلام مؤجلة ومصير مجهول في بلد يكافح للتعامل مع عدد غير مسبوق من الوافدين ودمجهم في سوق العمل المحلي.

ويعد التدفق الهائل للمهاجرين القاصرين غير المرفوقين بذويهم، سببا في حدوث انقسام في السياسات المتعلقة بالهجرة بين الأحزاب السياسية الإسبانية الرئيسية، حيث تختلف وجهات النظر بين حزب الشعب المحافظ وحزب فوكس اليميني المتطرف.

أمل ضائع في الغربة

وُلد بوهلال في مدينة بني ملال، بجهة بني ملال خنيفرة، التي تعد أكثر جهة تضم نسبة كبيرة من المهاجرين والجالية المغربية المقيمة بالخارج، الذي غادر منطقته متوجها صوب إسبانيا وهو محمل بأحلام تتسع للكون، لكن بمجرد بلوغه السن القانوني لم يجد مكانا يحتضنه غير الشارع، فحتى مقتنياته قليلة تشمل مرتبة عارية، وصندوق من الكرتون يحتوي على ملابس مستعملة، وعدد قليل من الشموع، ففي الليالي التي يتقلب فيها المناخ، يغطي رأسه ببطانية لحماية عينيه من الرمال المتطايرة.

صورة الشاب المغربي عبد اللطيف بوهلال وصديقه داخل الخيمة التي يعيشون فيها

صورة الشاب المغربي عبد اللطيف بوهلال وصديقه داخل الخيمة التي يعيشون فيها

وفسر عبد اللطيف بوهلال لوكالة رويترز سبب لجوئه لطلب المال، بكونه يواجه مشكلة إنفاقه على الطعام وأجرة الحافلة إلى العاصمة لاس بالماس لحجز مواعيد مع المسؤولين الذين يتولون قضيته، وأكد أنه لم يرَ والدته منذ ثلاث سنوات ونصف، ويقول بحزن: “عدم التحدث إليها يؤلمني حقا”، مبرزا أنه يعيش الآن فقط على أمل لمّ شمله مع عائلته، حيث أنه يغلق عينيه كل ليلة متخيلا تناول العشاء مع والدته وأخته الصغيرة.

مقالات ذات صلة

من بينها تقليص عدد الطلاب الأجانب.. كندا تُعلن عن إجراءات جديدة تهم المهاجرين

جثامين مغاربة العالم.. حين يتحول الحزن إلى رحلة شاقة من الإجراءات الإدارية والمالية

أرقام “استثنائية وإيجابية”.. أعداد الجالية التي دخلت المغرب في الصيف فاقت التوقعات

بسبب تدفقات الجالية.. نسبة نقل المسافرين تسجل ارتفاعا لدى بالياريا

مغاربة العالم.. ما هي أكثر القطاعات الاقتصادية التي ينعشونها بالمغرب؟

قلة الخطوط الجوية الرابطة بين بني ملال ومطارات العالم تؤرق الجالية المغربية

مكتب الصرف يسجل زيادة في تحويلات مغاربة العالم

من فاتح يناير إلى متم يوليوز.. تحويلات الجالية المغربية تسُجل ارتفاعا مهما

السفير المغربي في هلسنكي: الثقافة بوابة لتعزيز العلاقات بين المغرب وفنلندا

إيطاليا.. قرار مهم يُقرّب الخدمات من الجالية المغربية بمنطقة كالابريا

تعليقات( 0 )