كشف المحلل السياسي وخبير العلاقات الدولية، محمد شقير، اليوم الأربعاء 30 أبريل الجاري، في تعليقه على هروب ثلاثة عناصر من ميليشيات جبهة البوليساريو، أن تزايد الانشقاقات في تيندوف يعكس انسداد الأفق السياسي للجبهة الانفصالية، مشيرا إلى عدد من العوامل التي من الممكن أن تعمق ما وصفه بـ”الشرخ الانشقاقي”.
وأوضح المحلل السياسي، في تصريح خص به موقع “سفيركم” الإلكتروني، أن هذه الموجة من الانشقاقات ليست جديدة على تندوف، بل سبق أن شهدت وقائع مماثلة، أبرزها ما أسماه بـ”الانشقاق الكبير”، حين عاد عدد من القياديين بالجبهة إلى المغرب، من بينهم عمر الحضرمي وآخرون.
وفسر شقير تزايد الانشقاقات في هذه الفترة بالضبط، بما تعيشه جبهة البوليساريو الوهمية من حالة “انسداد الأفق السياسي”، خاصة في ظل التحولات الكبيرة التي شهدتها قضية الصحراء المغربية من اعتراف أمريكي وفرنسي بعدالة ومصداقية الموقف المغربي.
وأكد المتحدث ذاته أن هذه التغيرات شكلت “تسفيها للمشروع الانفصالي”، نظرا لأن فرنسا تعتبر الدولة الأكثر معرفة بملابسات هذا النزاع، ناهيك عن مساندة 22 دولة من الاتحاد الأوروبي لمبادرة الحكم الذاتي التي كان قد تقدم بها المغرب في سنة 2007، وكذا افتتاح أكثر من 30 دولة لقنصلياتها بكل من الداخلة والعيون.
ولفت إلى أن العزلة الديبلوماسية التي تعاني منها الجزائر، باعتبارها حاضنة البوليساريو، ساهمت في إقتناع العديد من أعضاء الجبهة بفشل الأطروحة الانفصالية، ولا سيما في ظل الأوضاع المزرية والمشحونة التي تعيش على وقعها ساكنة المخيمات، مبرزا أن إحاطة المبعوث الشخصي للأمين العام دي ميستورا قد ذكرت مؤخرا تعرض الساكنة للقمع والقهر.
وأردف المحلل السياسي قائلا: “إن غياب أي آليات ديمقراطية ومواصلة غالي ترؤس الجبهة رغم مرضه وكبر سنه، دفع بباقي المكونات القبلية إلى الشعور بالتهميش وفرض القيود على تحركاتها و مواقفها، مما زاد من حدة الاحتقان الداخلي وأدى إلى تكون تنظيمات معارضة تساند الطرح المغربي حول الحكم الذاتي كجمعية أنصار السلام”.
وشدد على أن الانشقاقات المتواصلة عن الجبهة الوهمية تعكس “انسداد الأفق السياسي أمامها”، لا سيما في ظل الأوضاع الصعبة التي تعانيها ساكنة تندوف، والعزلة الديبلوماسية الجزائرية، إضافة إلى الاقتناع بأن السلطات الجزائرية لا توظف هذا النزاع لمصلحة الصحراويين، بل لمحاولة استهداف المغرب.
وخلص المحلل بالتأكيد على أن مجموعة من العوامل تزيد من حدة هذا “الشرخ الانشقاقي”، ويتعلق الأمر بتراجع الاعتراف الدولي بجمهورية الجبهة، وتورط بعض قيادييها في قضايا الفساد والاغتصاب، إضافة إلى المقارنة بين أوضاع ساكنة المخيمات مع أوضاع الساكنة في مدن كالعيون والداخلة وبوجدور وكذا السمارة، قائلا: “كل ذلك لن يزيد إلا من تزايد الشرخ الانشقاقي داخل الجبهة والذي قد يؤدي إلى الاقتتال الداخلي ما سيزيد من إضعاف الجبهة وشكلها السياسي بعد شكلها العسكري”.