مضت أكثر من خمسة أشهر على إعلان الهيئة المكلفة بمراجعة مدونة الأسرة، عن الاقتراحات المتوافق حولها، خلال ندوة صحفية، في أعقاب انتهاء مهامها داخل الأجل المحدد لها، ورفعها تقريرا يتضمن أكثر من 100 مقترح تعديل للملك.
وقررت الحكومة بعدها سحب صياغة نص مدونة الأسرة من يد وزير العدل، وتشكيل لجنة للصياغة مكونة من القطاعات الوزارية المعنية بمباشرة مراجعة مدونة الأسرة.
اللجنة ظلت منغلقة على مكوناتها، حيث لم تتواصل بعد تشكيلها كما كان مرتقبا، تماشيا مع بلاغ الديوان الملكي الذي أوصى فيه الملك بالتواصل مع الرأي العام، وإحاطته علما بمستجدات هذه المراجعة، بالنظر إلى خصوصية النص المنتظر صياغته والاهتمام الذي يحظى به من طرف مختلف مكونات المجتمع المغربي.
واكتفى الوزير المكلف بالعلاقات مع البرلمان، الناطق الرسمي باسم الحكومة، مصطفى بايتاس، بالقول أن تشكيل هذه اللجنة جاء مراعاة لخصوصية هذا القانون، موَضحا أن الأمر يتعلق بوزارة العدل، ووزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، ووزارة التضامن والإدماج الاجتماعي والأسرة مؤكدا أن السلطة التنفيذية “تتابع باهتمام كبير النقاشات المثارة بشأن مدونة الأسرة، وتوليها عناية خاصة في مداولاتها الأسبوعية، منذ اجتماع الحكومة المؤرخ في 29 دجنبر الماضي”.
تكتم غير مفهوم
وفي تواصل مباشر معها، رفضت نعيمة ابن يحيى، وزيرة التضامن والإدماج الاجتماعي والأسرة الإدلاء بتصريح بخصوص مستجدات صياغة مقتضيات مدونة الأسرة، موردة أن “اللجنة مغلقة حاليا”.
من جهته أوضح عبد الوهاب رفيقي، مستشار وزير العدل أن لجنة الصياغة لازالت تشتغل على التدقيق في أمور بعينها، مؤكدا أن اللجنة معززة ببعض الخبراء في المجال القانوني، بالإضافة للقطاعات الحكومية.
وبخصوص المدة المنتظرة للكشف عن الصيغة النهائية لهذا النص، أفاد رفيقي في تصريح خاص لمنبر “سفيركم” بأن المدة لا يستطيع أحد تحديدها، مفسرا أن الأمر متوقف على الانتهاء من الإعداد وتوفر الظروف المناسبة للإعلان.
وتابع أن عملية الصياغة تأخذ المسار القانوني العادي عبر الأمانة العامة، والمجلس الحكومي ثم البرلمان كما هو متعارف عليه.
بشرى عبده المديرة التنفيذية لجمعية التحدي للمساواة و المواطنة أكدت بدورها لـ”سفيركم” أن لجنة الصياغة لم تتواصل مع الجمعيات الفاعلة في المجال بشأن استطلاع آراءها، مضيفة أنها تنتظر الإعلان عن الصيغة النهائية لإبداء الملاحظات واستكمال مسطرة الترافع حول مطالب الحركة الحقوقية النسائية.
المسطرة العادية لنص غير عادي
وقال الباحث في العمل البرلماني، عبد الله حوضي إن مسطرة التشريع العادية تنطلق من مرحلة إعداد مسودة القانون من طرف القطاع الوصي أو الوزارات المعنية بالنص موضحا أن هذه العملية تتم من طرف الوحدات المكلفة بالتشريع وبالدراسات القانونية بالنظر إلى توفر التنظيم الداخلي لكل وزارة على وحدة قانونية مكلفة بالإعداد، تأخد إما شكل مديرية أو مصلحة أو قسم.
وتابع في تصريح لمنبر “سفيركم” أن الوزارات المعنية في حالة مدونة الأسرة وانطلاقا من مخرجات الهيئة التي دعا لتشكيلها الملك تتمثل في وزارة العدل والأسرة والتضامن والأوقاف، وبالتالي فإنها نفسها القطاعات المسؤولة على إعداد المسودة انطلاقا من خلاصات هيئة مراجعة المدونة.
واسترسل القول بأن المرحلة التي تأتي بعدها تتمثل في الاستشارة مع بعض المؤسسات، وبالعودة للهيئة التي عينها الملك سيظهر جليا أن المؤسسات التي تشكل الاستشارة معها واجبا ضروريا ممثلة في المجلس العلمي الأعلى، المجلس الوطني لحقوق الإنسان والمجلس الأعلى للسلطة القضائية، وِفقا لتصريح المتحدث.
حوضي شرح لـ”سفيركم” أنه بعد القيام بجميع الاستشارات والمشاورات مع المؤسسات الدستورية يتم عرض مشروع القانون على الأمانة العامة التي تتولى دراسة المشاريع ومراقبتها للتأكد من مدى مطابقتها للدستور ومن سلامتها التقنية واللغوية والتركيبية، ليباشر بعدها الأمين العام للحكومة عملية توزيع مشاريع القوانين على أعضاء الحكومة قبل عشرة أيام قبل عقد المجلس الحكومي.
ويتعين على السلطات الحكومية أن توافي بكيفية كتابية ومسبقة الأمانة العامة للحكومة بكل الملاحظات أو الاعتراضات التي يمكن أن تقدمها على النص، لتقوم بدورها في هذه الحالة بعقد اجتماعات مصغرة أو موسعة بهدف التوصل لصيغة متوافق عليها لمشروع القانون قبل التداول فيه داخل مجلس الحكومة طبقا للفصل 92 من الدستور.
وبعد عملية التداول داخل اجتماع المجلس الحكومي، يمكن أن تأتي القرارات في إحدى الصيغ، سواء بالمصادقة دون أي ملاحظة أو المصادقة مع التحفظ كما يمكن تشكيل لجنة خاصة لتعميق النظر من جديد في مضمون النص سواء كله أو جزء منه أو علاقة بالملاحظات المثارة بشأنه أو الاستمرار في دراسة جوانبه خلال المجالس المقبلة، كما يمكن رفضه جملة وتفصيلا نظرا لعدم توفر الشروط اللازمة لتبنيه.
وتأتي بعدها، وِفقا لتصريح الباحث في العمل البرلماني، مرحلة إحالة النص على لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان، من أجل المناقشة العامة، ثم المناقشة التفصيلية، وتقديم التعديلات ومناقشتها حسب الترتيب التسلسلي.
وتتم في ختام المرحلة البرلمانية عملية التصويت داخل لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان، ثم الإحالة على الجلسة العامة بمجلس النواب من أجل المناقشة والتصويت.
وتأتي بعد التداول بين غرفتي البرلمان، المرحلة ما بعد البرلمانية، حيث تتم الإحالة على المحكمة الدستورية بشكل اختياري مع إمكانية طلب قراءة جديدك لمشروع القانون من طرف الملك. يلي ذلك إصدار الأمر بتنفيذ القانون قم نشره بالجريدة الرسمية.