تعرض قناة MBC السعودية مسلسل يتناول حياة الصحابي ومؤسس الدولة الأموية معاوية بن أبي سفيان، المسلسل الذي يتناول جوانب من شخصية أول حكام دولة بني أمية بعد تنازل الحسن بن علي عن الخلافة له، وأول حاكم مسلم يورث الحكم لأحد أبنائه مخالفا بذلك تقاليد انتقال الحكم في عهد الخلفاء الراشدين الأربعة.
وأثار المسلسل الذي يعرض ضمن برامج رمضان لهذه السنة جدلا واسعا بين رافض له قبل عرضه أساسا وبين الذين انتقدوا أحداث وسيناريو المسلسل، كما طال الانتقاد كذلك الممثلين وبعض اللقطات التي تم عرضها.
فتوى تحرم وقرار بمنع عرض المسلسل
ذكرت تقارير إخبارية أن هيئة الإفتاء في الأزهر عبرت عن رفضها للمسلسل، الذي يجسد الصحابة في الأعمال الدرامية، وسبق لها وأن رفضت أعمال تاريخية مماثلة، مشيرة إلى أن المبدأ لدى الأزهر هو حرمة تجسيد الأنبياء والصحابة، ولذلك وإن لم ينشر جامع الأزهر في مصر أي بيان على موقعه يحرم المسلسل، فإن أعضاء مجمع الفتوى صرحوا بتحريم عرض المسلسل لعدد من وسائل الإعلام المصرية.
وإذا كان الأزهر يرفض المسلسل، بموقف مبدئي يحرم تجسيد الصحابة، فإن هيئة الإعلام والاتصالات في العراق أصدرت قرارا ملزما لكافة وسائل الإعلام العراقية بحضر بث المسلسل، بذريعة أن “بث أعمال ذات طابع تاريخي جدلي قد يؤدي إلى إثارة السجالات الطائفية، مما يهدد السلم المجتمعي ويؤثر على النسيج الاجتماعي، خاصة خلال الشهر الفضيل، داعيةً جميع المؤسسات الإعلامية إلى الالتزام بالمعايير المهنية وتجنب بث المحتوى الذي قد يتسبب في إثارة الفتن أو التحريض الطائفي”.
وكشفت الهيئة أنها “أصدرت خطابا رسميا إلى إدارة قناة MBC العراق بهذا الشأن، مطالبة إياها بالامتثال للقرار وعدم بث المسلسل، مؤكدة “أنها ستتخذ الإجراءات القانونية اللازمة بحق أي جهة تخالف الضوابط الإعلامية النافذة في البلاد”.
ويشكل معاوية بن أبي سفيان والدولة الأموية، أحد أبرز نقاط السجال والخلاف التاريخي بين الشيعة والسنة في الإسلام، حيث يرى الشيعة أن معاوية وابنه يزيد بن معاوية، اغتصبا الخلافة من الحسن والحسين من آل بيت النبي، وبالتالي فالمسلسل يسعى لتبييض تاريخ معاوية، ما يرفضه الشيعة بشدة.
انتقادات في الشكل والمضمون
امتدت الانتقادات إلى أشكال المنازل وتصميمها، خارجيا وداخليا والملابس والإضاءة والإكسسوارات، حيث جاءت مغايرة تماما لما ينبغي أن تكون عليه، والملامح الاجتماعية والثقافية لتلك المرحلة، بما فيها ألبسة نساء المدينة حينها، خاصة مشهد لباس وأريكة وستائر هند بنت عتبة أم معاوية، كما ارتدت ثوبا حريريا مزخرفا وارتدى أبو سفيان، عباءة ذات ألوان زاهية، مع إكسسوارات معدنية لامعة تتناقض مع بساطة تلك المرحلة.
كما انتقد بعض المشاهدين تغيير بنية الصحابي أبي بكر الصديق، فبينما ظهر الممثل الذي جسد دوره، ضخم البنية قويا أكد الرواة والمؤرخون أن أبا بكر كان نحيلا، وبنية الصحابي عمر بن الخطاب حيث ظهر خلافا لأوصافه المعروفة ، وجسد ليس بائن الطول بل متوسط، ولحيته كانت مهذبة صغيرة، ولم يبد أصلع الشعر أبدا.
وعانى المسلسل من أزمة مخرج العمل طارق العريان، الذي انسحب تاركا المجال للمخرج أحمد مدحت، إثر خلافات غامضة ، أسهمت في شعور البعض بأن مستوى العمل متواضع ومملوء بالمشاهد الضعيفة.
خلاصة الكلام: معاوية الجديد!
تعليقا على الجدل القائم، كتب الدكتور أسامة حمدي، قائلا:”استمتع بمشاهدة مسلسل معاوية كقصة، ليس لها أي علاقة بالتاريخ أو الجغرافيا، أو أي علاقة بأي شيء آخر، حتى الملابس لا تمت إلى القرن السابع بصلة، وحتى الإسقاط فيه، إن كان به إسقاط، فهو ساذج ومفضوح، والأفضل للمشاهد أن يفصل هذا المسلسل تماما عن أي غرض منه.
“فمن أوصى بإنتاجه يحتاج إلى علاج عقلي عاجل، ولكن في حالة التراجع الفكري والثقافي فكل شيء مباح، فهناك الجاهل أو “العبيط” الذي يصدق أحداثه! فالمسلسل ليس إسلاميّا، ولا سنيا، ولا شيعيا، والحقيقة أشفق على مؤلفه ومخرجه فيما تورطا فيه، والعزاء أنهما غالبا قد تقاضا بسخاء أجرا على عملهما هذا قبل تبرأهما منه”.”أفضل نصيحة كي تستمتع بهذا المسلسل -كما أستمتع أنا-، أن تراه مجرد قصه لرجل إسمه معاوية، يعيش -كما يبدو من ملابسه وديكوراته- في عصر هارون الرشيد، أو أن تراه مسلسلا تركيا من نوع “قيامة أرطغل”، يعيد كتابة التاريخ ولكن بسذاجة”.