أعربت كوريا الجنوبية، عن دعمها لجهود الأمم المتحدة لإيجاد حل سياسي لقضية الصحراء، معتبرة مبادرة الحكم الذاتي الخيار الجدي وذي المصداقية. ويأتي هذا الموقف في ظل تطور ملحوظ في علاقات البلدين، شمل مجالات متعددة، وسط مؤشرات على تقارب متزايد قد يمهد الطريق أمام كوريا لاتخاذ مواقف أكثر تقدما تجاه قضية الصحراء المغربية.
وشدد بيان نشرته السفارة الكورية في المغرب على موقعها الإلكتروني، الذي اطلع عليه موقع “سفيركم“، على أن جمهورية كوريا تدعم جهود الأمم المتحدة لإيجاد حل سلمي لقضية الصحراء المغربية، معبرة عن أملها في التوصل إلى حل متوافق عليه بين جميع الأطراف من خلال الحوار، وفي إطار الشرعية الدولية.
كما أكد البيان أن كوريا تعتبر مقترح الحكم الذاتي، الذي كان قد تقدم به المغرب في أبريل 2007 إلى الأمين العام للأمم المتحدة، حلا جادا وذي مصداقية للمضي قدما في تسوية هذا النزاع المفتعل، انسجاما مع قرارات مجلس الأمن ذات الصلة، بما في ذلك القرار 1754 الصادر سنة 2007.
هل تأخذ سيول موقفا أكثر تقدما؟
أوضح المحلل السياسي وخبير العلاقات الدولية؛ محمد شقير في تصريح قدمه لموقع “سفيركم” الإلكتروني، أن انضمام كوريا الجنوبية إلى قائمة تضم أكثر من 113 دولة داعمة لمبادرة الحكم الذاتي، يعد “تطورا كبيرا” في مواقف سيول السابقة، و”صفعة دبلوماسية” للجزائر، حيث أن وصف كوريا للمبادرة المغربية بأنها “حل واقعي وذي مصداقية” يعكس دعما دبلوماسيا واضحا لمقترح الرباط.
واستبعد المصدر ذاته أي اعتراف كوري وشيك بمغربية الصحراء على غرار الموقفين الأمريكي والفرنسي، لكنه أشار إلى أن تعزيز العلاقات الاقتصادية والاستثمارية والعسكرية قد يفتح الباب أمام افتتاح قنصلية كورية في الداخلة أو العيون، خاصة في سياق المبادرة الأطلسية التي قدمها المغرب خلال المنتدى الإفريقي الكوري بسيول العام الماضي.
ولفت إلى أن مجموعة من العوامل قد تدفع سيول إلى اتخاذ موقف أكثر تقدما لصالح المغرب، قائلا: “إن فسح المجال للرأسمال الكوري للاستثمار في مشاريع كبرى ومهيكلة بالمغرب، وعلى رأسها توسيع شبكة القطار فائق السرعة في الشطر الممتد إلى مراكش، إلى جانب اقتناء المغرب لعتاد عسكري كوري، وكذا مساهمة كوريا الجنوبية في صناعات دفاعية بالمملكة، لا يمكن إلا أن يقوي من موقف كوريا الجنوبية اتجاه مغربية الصحراء التي تعتبر أولوية في السياسة الخارجية المغربية”.
زخم دبلوماسي يطبع علاقات البلدين
وذكر بيان السفارة أن العلاقات الثنائية بين المملكة المغربية وجمهورية كوريا، تشهد تطورا متزايدا منذ إقامة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين سنة 1962، في مجالات متعددة تشمل السياسة، والاقتصاد، والثقافة، والتنمية.
وسجل البيان أن السنوات الأخيرة شهدت دينامية ملحوظة على مستوى تبادل الزيارات رفيعة المستوى، بشكل يعكس التزام البلدين بتعزيز الشراكة الثنائية، ففي سنة 2024، أجرى كل من رئيس الجمعية الوطنية الكورية؛ كيم جين-بيو، ووزير الأراضي والبنية التحتية والنقل؛بارك سانغ-وو، ثم المدير التنفيذي لبنك التصدير والاستيراد الكوري، السيد يون هي-سونغ، زيارات رسمية إلى المغرب.
ومن الجانب المغربي، شارك كل من راشيد الطالبي العلمي، رئيس مجلس النواب، وناصر بوريطة، وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، في القمة الكورية-الإفريقية الأولى التي عُقدت في يونيو 2024 بمشاركة 54 دولة إفريقية.
كما زار كوريا، في نونبر 2024، كل من وزير التجهيز والماء، نزار بركة، والوزير المنتدب المكلف بالاستثمار، كريم زيدان، ثم وزير الصناعة والتجارة، رياض مزور، في أبريل 2025، وهو ما يعكس التزام الجانبين بتعزيز التعاون الثنائي.
علاقات اقتصادية متقدمة
وعلى الصعيد الاقتصادي، أشار البيان إلى أن حجم المبادلات التجارية بين كوريا والمغرب بلغ حوالي 550 مليون دولار أمريكي سنة 2024. كما وقع الجانبان، في يونيو من نفس السنة، اتفاقا لإطلاق مشاورات استكشافية حول إبرام اتفاقية شراكة اقتصادية، لتعزيز التعاون في مجالات التجارة والاستثمار.
وأكد المصدر ذاته أن عددا من الشركات الكورية الكبرى، مثل سامسونغ وإل جي، تملك فروعا نشطة في المغرب، إلى جانب شركات كورية في قطاعات السيارات، والصناعات الدفاعية، وبناء السفن، التي تستكشف فرصا جديدة داخل السوق المغربية، مشيرا إلى توقيع عقد بقيمة 1.5 مليار يورو بين شركة هيونداي روتيم والمكتب الوطني للسكك الحديدية بالمغرب لتوريد 110 قطارات.
وكان قد وقع البلدان، على هامش قمة كوريا-إفريقيا لسنة 2024، مجموعة من الاتفاقيات التي تشمل التعاون في إطار صندوق التعاون للتنمية الاقتصادية (EDCF)، والتغير المناخي، والحماية الاجتماعية.
وتوقف البيان عند خطوة رمزية قامت بها الحكومة الكورية سنة 2022، حين أعلنت تأكيد هويات ثمانية جنود مغاربة شاركوا في الحرب الكورية، تنفيذا لقرار الملك الراحل محمد الخامس، مبدية امتنانها العميق لتضحياتهم وما قدموه من مساهمات نبيلة.
وخلص البيان بالتأكيد على أن كوريا حريصة على مواصلة تعميق علاقاتها مع المغرب، الذي يواصل ترسيخ مكانته كدولة رائدة في إفريقيا، مبرزا أن الشراكة بين البلدين تقوم على أساس الاحترام المتبادل والقيم المشتركة، وأن البلدين سيواصلان العمل معا من أجل تحقيق السلام، والاستقرار، والازدهار المشترك