شهدت الساحة السياسية والحقوقية المغربية، خلال الأيام القليلة الأخيرة، عودة النقاش حول مدونة الأسرة، وسط مطالب المحافظين بعدم المساس بالمواد التي تضمنتها الأخيرة، والتي يعتبرونها ’’غير قابلة للنقاش’’، فيما ما زالت المنظمات النسائية خاصة اليسارية، تدعو إلى مراجعة شاملة للمدونة تماشيا مع الخطب الملكية، خاصة فيما يتعلق بـ’’الإرث”.
بنكيران: مطالب تغيير مسألة الإرث وراءها خلفيات أجنبية
ويشكل الإرث أهم النقاط التي أثارت الجدل، في الساحة السياسية المغربية، خاصة بعد دخول سياسيين على خط التعديل، أبرزهم الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، عبد الإله بنكيران، الذي أكد على أن ’’المعركة اليوم ليست ضد المدونة، وإنما هي معركة مرجعيات”، مضيفا أن ’’هذه التعديلات التي يطالب بها عدد من الأشخاص، تنطلق من مرجعيات غير أصيلة، وجلها آت من الخارج”.
وأوضح الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، في كلمته خلال ندوة صحفية، نظمها الحزب حول مدونة الأسرة، بمدينة الرباط، أن ’’المطالب التي ترفعها عدد من الجهات بخصوص التعديلات في مدونة الأسرة، تركز على أشياء جزئية، وقضايا لا تشكل مشكلا في الوقت الراهن، أبرزها قضية الإرث الذي يعد موضوعا غير مثار من قبل النساء المغربيات، أو التعدد الذي أصبح حضوره قليلا”.
أميلي: مسألة التعصيب تهمش النساء وتشردهن
من جانبها، أكدت الناشطة الحقوقية والعضو في الائتلاف الإقليمي “الحرة”، ورئيسة جمعية “أيادي حرة”، ليلى أميلي، على أن ’’إحداث تغييرات في المدونة أصبح أمرا ضروريا، خاصة فيما يتعلق بالإرث والمادتين 20 و21، حيث أصبح من المتجاوز الحديث عن التعصيب، الذي يحرم العديد من النساء من حق الإرث، وهو ما يكون في الغالب المصدر الوحيد للعيش”.
وأوضحت أميلي في تصريحها لموقع ’’سفيركم’’، أن ’’التعصيب يؤدي إلى تشريد النساء وتفقيرهن، وحرمانهن من حقهن في العيش، حيث أدى هذا الأمر إلى دفع عدد منهم إلى امتهان مهن لا تليق بهن، والعيش في ظروف صعبة، بالرغم من كونهن من عائلات ميسورة أو متوسطة الدخل”.
وفي حديثها عن المادتين 20و21، من مدونة الأسرة، قالت إميلي، إنهما “تشكلان كابوسا حقيقيا للعديد من القاصرات المرغمات على الزواج في سن مبكرة، لأن مكان الفتاة في قاعات الدراسة، وليس بيت الزوجية وإنشاء أسر أغلبها تبوء بالفشل منذ البداية، حيث يجدن أنفسهن بعد سنوات الزواج، في وضعية صعبة، كما لا يمكنهن تغيير أوضاعهن”.
وشددت المتحدثة ذاتها، على أن ’’النقاشات التي تتم إثارتها من قبل جهات، هدفها الأساسي التشويش على المسار الديمقراطي الذي نهجته بلادنا، بقيادة الملك محمد السادس، الذي دعا الحكومة إلى تعديل مدونة الأسرة”، مؤكدة على أن ’’الأخيرة لا تتماشى مع دستور 2011″.
ويأتي هذا النقاش، في سياق تواصل فيه الهيئة المكلفة بمراجعة مدونة الأسرة، الاستماع إلى مختلف الأحزاب السياسية والمنظمات الحقوقية، في جلسات منفصلة، من أجل الحصول على مقترحات تعديل مواد المدونة، تنزيلا لمضامين الرسالة الملكية الموجهة إلى رئيس الحكومة بشأن إعادة النظر في مدونة الأسرة.
النباوي: الجميع يريد استقرار الأسرة المغربية
من جهته، أكد محمد عبد النباوي، منسق الهيئة المكلفة بمراجعة مدونة الأسرة، والرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، على أن جلسات الحوار مع مختلف المنظمات والأحزاب السياسية، تميزت بالإحساس العالي بالوعي بأهمية ورش تعديل مدونة الأسرة، وهذا ما يكرس، وفق المصدر ذاته، أهمية وقداسة الأسرة.
وأبرز عبد النباوي، في تصريحه للصحافة، أن ’’جل المقترحات تحرص على ضمان استقرار الأسرة وصلاحها، ومدونة تحميها من الأزمات التي تؤدي إلى التفكك، ومراعاة المصلحة الفضلى للأطفال”.