مازال مسلسل الاحتقان بقطاع التعليم متواصلا، وسط إصرار الأساتذة المنتمين إلى التنسيق الوطني الرافض لمخرجات الاتفاق المبرم بين اللجنة الحكومية والنقابات الأكثر تمثيلية، (إصرار) على الاحتجاج والمطالبة بضرورة مراجعة مضامين الاتفاق الذي وصفوه ب”الريع النقابي”، الذي يخدم مصالح فئة لم تخرج للشارع.
وأمام هذا الوضع، أكد وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، شكيب بنموسى، على أنه “تم حل الملفات المتعلقة بالقطاع، بعد التوصل إلى اتفاق تاريخي مع ممثلي الهيئات النقابية في آخر اجتماع تم مطلع الأسبوع الجاري”، مشيدا “بالروح التي سادت أجواء الحوار الذي حضره عدد من الوزراء وممثلي النقابات التعليمية”.
وفي سياق متصل، ظهرت أصوات مدنية تطالب بضرورة إيجاد حل للأزمة وتدارك الزمن الدراسي المهدور، من خلال استعمال القوة في فض الاحتجاجات وإرغام الأساتذة المضربين على العودة إلى حجرات الدراسة ولو تطلب الأمر استعمال العنف، نظرا لكون استمرار الوضع على حاله، وفق تعبيرهم، “تقف وراءه جهات لها أهداف سياسية”.
اتفاق تاريخي ينهي أزمة التعليم
وضعت اللجنة الحكومية والنقابات التعليمية الأكثر تمثيلية، حدا لمسلسل الاحتقان الدائر وسط الأسرة التعليمية بسبب “النظام الأساسي” الجديد، الذي أخرج آلاف الأساتذة إلى الشارع من أجل الاحتجاج والمطالبة بإلغائه، وذلك بالتوقيع على اتفاق وصف بالتاريخي، مساء يوم الثلاثاء.
وتضمن الاتفاق الذي توصل سفيركم بنسخة منه، أربعة محاور رئيسية تهم الإجراءات المرتبطة بالنظام الأساسي الخاص بموظفي قطاع التربية الوطنية، والجوانب المتعلقة بالإجراءات ذات الأثر المالي، فيما تطرق المحور الثالث لبعض الملفات الأخرى، كما ضم المحور الرابع التزامات الأطراف الموقعة.
وأكد نص الاتفاق، على إصدار مرسوم يتم بموجبه نسخ المرسوم رقم 2.23.819 الصادر في 06 أكتوبر 2023 في شأن النظام الأساسي الخاص بموظفي قطاع التربية الوطنية، وفق ما تم التوافق عليه بين الحكومة والنقابات التعليمية الأكثر تمثيلية.
وضمت اللجنة الوزارية المكلفة بمعالجة الإشكاليات المرتبطة بالنظام الأساسي لموظفي التربية الوطنية، بالإضافة إلى شكيب بنموسى، كلا من وزير الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والتشغيل والكفاءات، يونس سكوري، والوزير المنتدب المكلف بالميزانية، فوزي لقجع.
وكان رئيس الحكومة، عزيز أخنوش، قد ترأس يوم 10 دجنبر الجاري، بالرباط، اجتماعا تم خلاله التوقيع على اتفاق بين الحكومة والمركزيات النقابية الأكثر تمثيلية يهم تحسين دخل رجال ونساء التعليم.
رفض متواصل لمخرجات الحوار وخروج مستمر للاحتجاج
وصف التنسيق الوطني للتعليم، الاتفاق المبرم بين النقابات والحكومة، يوم 26 دجنبر الجاري، بكونه “ريعا نقابيا” يستجب لمطالب الشغيلة التعليمية في حدها الأدنى، وهو “ما له تداعيات خطيرة على منظومة التربية الوطنية في البلاد”.
وطالب التنسيق في بلاغ له، توصل “سفيركم” بنسخة منه، وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، بالاستجابة للمطالب وتنفيذ الاتفاقات السابقة العادلة والمستحقة دون قيد أو شرط وبأثرها الرجعي الإداري والمالي.
وفي هذا السياق، أعلن التنسيق ذاته، عن “مواصلته مسيرته النضالية بالتنسيق مع كل المكونات والتعبيرات المناضلة في الساحة التعليمية حتى تحقيقه كل المطالب”.
وأعرب التنظيم ذاته، الذي يضم 23 تنسيقية فئوية، عن اعتذاره للمتعلمين والمتعلمات وأسرهم، محملا المسؤولين عواقب “الحوارات المغشوشة والتعامل الانتقائي التمييزي مع فئات الشغيلة”.
وقال التنسيق في بيانه، إن مواصلته للاحتجاج والإضراب بعد اتفاق 10 دجنبر الجاري، فرض على الحكومة “دعوة المكون النقابي في التنسيق الوطني، للدخول معه في حوار لم يفض للاستجابة للمطالب المشروعة نفسها”، مسجلا “غياب إرادة حقيقية لإيجاد الحلول الجذرية للمشاكل التي يعاني منها قطاع التعليم”.
وأشار نص البلاغ، إلى أن الاتفاق “ليس إلا بمناورة أفضت إلى اتفاق 26 دجنبر، الذي انضاف للاتفاقات الأخرى، حيث لم يلبّ الحد الأدنى بما يستجيب للمطالب العامة والفئوية للمتضررين والمتضررات، مزاولين ومتقاعدين”.
وذكر التنسيق أن ملفه المطلبي تم إيداعه لدى رئاسة الحكومة ووزارة التربية الوطنية، سواء في تعلق بالمطالب المشتركة، من قبيل سحب النظام الأساسي، وإسقاط نظام التعاقد، واسترجاع الأموال المقتطعة، وتنفيذ جميع الاتفاقات والالتزامات السابقة، وتصحيح اختلالاتها، والزيادة في الأجور والمعاشات وغير ذلك من المطالب، بالإضافة لحل جميع الملفات العالقة لكل الفئات.
هيئة حقوقية تطالب باستعمال القوة ضد الأساتذة المحتجين
وفي سياق الأزمة المتواصلة، وجهت المنظمة المغربية لحقوق الإنسان ومحاربة الفساد، رسالة مفتوحة إلى وزير الداخلية، تطالبه من خلالها باتخاذ “الإجراءات اللازمة في حق الاحتجاجات المخلة بالنظام العام، التي تقودها التنسيقيات التعليمية”.
وأكدت الأمانة العامة للمنظمة، في رسالتها التي اطلع عليها منبر “سفيركم”، على ضرورة ”التدخل العاجل لاتخاذ جميع الإجراءات اللازمة في حق الوقفات الاحتجاجية التي اتخذت التلاميذ والتلميذات كدرع بشري لتحقيق مآرب فئة معينة على حساب أكثر من 8 مليون تلميذ وتلميذة بمختلف ربوع المملكة”.
وعبرت الهيئة عن “تضامنا اللامشروط مع جميع التلاميذ ضحايا هدر الزمن المدرسي”، ملتمسة “استعمال القوة العمومية لفك لغز تعنت واستقواء الأطراف المشكوك في أمرها، التي ترفض رفضا قاطعا تمكين التلاميذ والتلميذات من حقهم في التمدرس، مما سيترتب عن ذلك من تعثرات دراسية وهدر مدرسي في الأفق القريب”.
وفي سياق متصل، قال نبيل وزاع، الأمين العام للمنظمة، إن هذه “الرسالة الموجهة إلى وزارة الداخلية، تأتي في سياق يضيع فيه حق التلاميذ في التمدرس أمام استمرار الاحتجاجات والإضرابات التي تقودها جهات”، على حد تعبيره.
وذكر وزاع، في تصريحه لموقع “سفيركم”، أن “المنظمة أصدرت أزيد من 15 بيان وبلاغ تضامني مع الأستاذ منذ بداية الاحتجاجات”، مضيفا أنه “حان الوقت للعودة لحجرات الدراسة، لتفادي استمرار هدر الزمن الدراسي وشل المؤسسات التعليمية بدون مبررات حقيقية”.
وأشار الأمين العام للهيئة الحقوقية إلى أن “منظمته تضم أزيد من 120 أستاذ عبر ربوع المملكة، والعديد منهم متفق مع قرار المراسلة من أجل إعادة الحياة إلى المؤسسات التعليمية، فيما لا يزال البعض متشبتا بالاحتجاجات”.
تعليقات( 0 )