يحيي العالم كل سنة في الثامن من مارس، اليوم العالمي للمرأة، حيث يُحتفى بالمرأة في كل بقاع العالم، وتقدم الورود والهدايا للنساء، وتقام العروض والندوات وتستعرض الإنجازات النسائية، ومختلف أشكال تخليد هذه المناسبة، بهدف ترسيخ قيمة المرأة في المجتمع.
وإذا كان هناك من يحتفي بالمرأة، ويصبغ هذا اليوم بالطابع الاحتفالي والتكريمي للمرأة، فإن هناك من يعتبره يوما أو مناسبة ليست للاحتفال فقط بل للتذكير بواقع المرأة ومكانتها وأوضاعها، ومسيرتها لتحقيق المساواة ونيل حقوقها داخل المجتمع.
وبين هذا الموقف وذاك، يبقى السؤال عن أصل حكاية الثامن من مارس، ولماذا يُتخذ هذا اليوم عيدا للمرأة أو يوما عالميا للمرأة؟
الثامن من مارس أصل الحكاية:
ارتبط اليوم العالمي للمرأة بصراع المرأة، ضد قوانين العمل المجحفة في الولايات المتحدة، أواخر القرن التاسع عشر، حيث خرجن في مظاهرات عدة مطالبات بتخفيض عدد ساعات العمل إلى أقل من 12 ساعة في اليوم.
وفي 8 مارس 1908، خرج الآلاف من نساء نيويورك، العاملات في المصانع إلى الشوارع مجددا، حاملات قطعا من الخبز اليابس وباقات من الورود، في خطوة رمزية تحت شعار “خبز وورود”، طالبن وقتها بتخفيض ساعات العمل، ووقف تشغيل الأطفال ومنحهن حق الاقتراع، لتشكل هذه المظاهرة، بداية نشوء أول حركة نسوية داخل الولايات المتحدة، خصوصا بعد انضمام نساء من الطبقة المتوسطة إلى موجة المطالبة بالمساواة والإنصاف.
وتكريما لإضراب عاملات الملابس عام 1908 في نيويورك، قرر الحزب الاشتراكي الأمريكي تخصيص يوم من أجل قضايا النساء في عام 1909، وتقرر جعل 28 فبراير يوما للاحتفال باليوم الوطني للمرأة في الولايات المتحدة.
وطالب المؤتمر الدولي للنساء الاشتراكيات، الذي عقد في كوبنهاغن بالدنمارك سنة 1910، بتحديد يوم دولي للمرأة من دون أن يحدد موعدا، في حين بدأت أولى مراحل الاحتفال بيوم للمرأة في 19 مارس من عام 1911، حيث تم في ذلك اليوم الخروج في مسيرات للمطالبة بحق المرأة في العمل والتدريب المهني ووضع حد للتمييز ضدها.
وفي 8 مارس من عام 1914، نظمت النساء مسيرات في عدة مدن أوروبية للمطالبة بحق الاقتراع للنساء والاحتجاج على الحرب العالمية الأولى أنذاك، بينما اختارت النساء في روسيا سنة 1917 ، آخر يوم أحد من شهر فبراير، للاحتجاج والإضراب تحت شعار “الخبز والسلام”، وقد أدت حركتهن في نهاية المطاف إلى سن حق المرأة في التصويت، وبعد الحرب العالمية الثانية، استمر الاحتفال بهذا اليوم في 8 مارس في عدد من البلدان.
وكان قرار الأمم المتحدة بهذا الخصوص حاسما حيث أقر سنة 1975، الاحتفال بيوم 8 مارس، باعتباره اليوم العالمي للمرأة، وبعد ذلك بعامين، وفي دجنبر 1977، تبنت الجمعية العامة قرارا بإعلانه يوم الأمم المتحدة لحقوق المرأة والسلام الدولي، ومنذ ذلك التاريخ يتم الاحتفال به سنويا.
وفي المغرب وعلى غرار باقي دول العالم، يتم الاحتفال باليوم العالمي للمرأة كل سنة في الثامن من مارس، حيث تقام أنشطة متنوعة تزاوج بين الاحتفاء بالمرأة المغربية ومنجزاتها في مختلف المجالات والميادين، خاصة في مجالات المشاركة في الشأن العام، والتمكين الاقتصادي والحقوقي والاجتماعي للمرأة، وبين التذكير بالتحديات التي لازالت تعترض طريق تحقيق المطالب النسائية الملحة وتفعيل النص الدستوري والاتفاقيات الدولية في هذا الشأن، وتحسين أوضاع النساء العاملات والقرويات.