قال الصحفي والكاتب والباحث في التاريخ المغربي؛ لحسن العسبي، أن قلعة المغاربة “Castel Of The Moors” المتواجدة في البرتغال، هي معلمة تاريخية حافظت على العمارة المرابطية بامتياز، مبرزا أنها شبيهة بالقلعة المكتشفة في الرباط خلال إنجاز نفق الأوداية.
وأوضح لحسن العسبي، في تصريح قدمه لموقع “سفيركم” الإلكتروني، أن القلعة هي في الأصل رومانية، إذ شيدها الرومان، في القرن السابع ميلادي، على شكل قلعة عسكرية صغيرة، خلال الفترة التي خاضوا فيها حروبا ضارية مع “الوندال”؛ وهي قبائل جيرمانية الأصل، كانت جزءا من الإمبراطورية الرومانية.
وأضاف المتحدث ذاته أن المرابطين بنوا في فترة حكمهم الأندلس (دولة البرتغال بأكملها وثلثي إسبانيا)، أي في القرن الـ 11 و الـ 12، القلعة بالشكل الذي هي عليه الآن، بأسوارها وسلالمها، مؤكدا أن العمارة التي بنيت بها “قلعة المغاربة” مرابطية بامتياز.
وذكر صاحب كتاب “غنيمة الحرب” أنه بعد احتلال الإسبان للبرتغال، أي عقب هزيمة ملك البرتغال سيباستيان ومقتله في معركة واد المخازن، التي يطلق عليها أيضا “معركة الملوك الثلاثة” في 4 غشت 1578، سيتخذ الإسبان “قلعة المغاربة” ثكنة عسكرية لهم، ليقرروا بعدها إعادتها إلى البرتغال، وتصبح فيما بعد، ولمدة قرن من الزمن؛ قلعة دينية.
ولفت لحسن العسبي إلى أن الإسبان كانوا قد شيدوا في القلعة جزءا آخر يمتد إلى الجنوب باتجاه الوادي، وأضاف أن البرتغال حافظوا من بعدهم على “البناء المرابطي كما هو، ورمموه لأنه تعرض في الكثير من الأحيان للتخريب، لكن الشكل العام بقي كما شيده المرابطين في أول مرة”.
وعقد لعسبي مقارنة بين “قلعة المغاربة” المتواجدة في البرتغال والقلعة المرابطية التي تم اكتشافها أثناء حفر نفق الأوداية في الرباط، والمتواجدة بالقرب من قصبة “الأوداية”، ومن البناء الموحدي، الذي يشكل سوره جزءا من القلعة.
وخلص لعسبي إلى الإشارة إلى أن قصبة الأوداية، التي تضم القلعة الشبيهة بـ”قلعة المغاربة” في البرتغال، مكونة من ثلاث أجزاء، ويتعلق الأمر بالسور والبناء المرابطي، الذي تم اكتشافه أثناء حفر نفق الأوداية، إلى جانب الجزء الثاني، الذي يضم السور والأبواب الضخمة الموحدية، بالإضافة إلى الجزء الثالث الجنوبي المكون من الحديقة الاندلسية، والقصر الصغير، الذي شيده المولى إسماعيل العلوي.
وفي سياق متصل، ذكرت تقارير برتغالية أن الملك البرتغالي فرديناند الثاني، كان قد أمر في القرن التاسع عشر بترميم القلعة، لكن تضررت بعض المقابر المسيحية المحيطة بها، ولم يتمكنوا من التمييز بين رفات المسيحيين والمسلمين، ما دفعهم إلى بناء ضريح في القلعة ونقشوا عليه عبارة تقول: “ما جمعه الإنسان، لا يفرقه إلا الله”.
وجدير بالذكر أيضا أن القلعة وأرجائها قد خضعت منذ سنة 1976 إلى أعمال التنقيب الأثري، ما أدى إلى اكتشافات جديدة سلطت الضوء على تاريخ القلعة الذي تمتزج فيه الحضارة الإسلامية بالمسيحية، وصنفت منظمة “اليونسكو” في سنة 1995، منطقة سينترا و”قلعة المغاربة” ضمن مواقع التراث العالمي.