بين الحلم والوهم.. الذاكرة المريرة لمغاربة عاشوا الظلم بمناجم فرنسا

في خمسينيات القرن الفائت لجأ أرباب العمل الفرنسيون إلى المغرب لجلب عمال مغاربة من أجل العمل بمناجم الفحم شمال فرنسا. العملية التي كانت تطوعية من الرجال المغاربة الذين دفعهم الفقر إلى البحث عن حلم حياة جيدة، قبل أن يصير وهما لدى الكثيرين.

وكانت الفكرة للجندي الفرنسي فيليكس مورا الذي اقترحها بدعم من السلطات المغربية والفرنسية. وكان العمال المغاربة يخضعون لفحوصات دقيقة قبل ترحيلهم شمال فرنسا، وكان يتم طبع ختم على جلدهم سواء باليد أو بصدورهم حيث يعتبر هذا الختم كتصريح عمل بالمناجم آنذاك.

تجربة قاسية

وحسب مصادر تؤرخ لتلك الفترة، فقد تم توظيف 80 ألف شخص ما بين 1956 و1977، وكان عدد العمال المغاربة وحدهم يصل ما بين 32 و50 بالمئة من إجمالي عدد عمال المناجم، وكان مورا يأخذهم من منطقة سوس حيث كان يتقن الأمازيغية والعربية، وكان غالبية هؤلاء العمال من القاصرين.

لم يكن اختيار المغاربة الذهاب إلى فرنسا للعمل سوى بهدف تحسين أوضاعهم وتحقيق الحلم الذي تحول لوهم مع الوقت.

وكانت حملة مورا لجمع عمال وراءها نية الاستغلال لسواعد قوية لمصلحة بلده لا حبا في هؤلاء الشباب لأجل تحسين أوضاعهم، وفق ما تؤكده العديد من المصادر التي تعاملت مع هذا الموضوع.

وبحسب ذات المصادر، فقد كانت أوضاع العمل بالمناجم تفتقد لكل الشروط الصحية، فلا يتوفرون على خوذات تقيهم من ضوضاء الآلات أو أقنعة تحميهم من غبار الفحم الذي كان يسبب أمراض الرئة، التي بسببها توفى العديد منهم بعد فترة وجيزة من عودتهم للمغرب.

وتشير المصادر التاريخية أنه بعد أن انتهت فرنسا من نشاطها التعديني وإغلاق تلك المناجم واحدا تلوى الآخر، بدأت تشجع المغاربة الذين عانوا في تلك الفترة ، إلى العودة للمغرب مقابل تعويض أو البقاء بفرنسا وتسجيلهم كعاطلين عن العمل. فكان أغلبهم اختار الحل الثاني، بينما اختار آخرون العودة للوطن.

ومع مرور السنوات، سجلت دراسات فرنسية، تجاهل عمال المناجم اللذين أفنوا حياتهم وصحتهم بمناجم فرنسا وحرمانهم من جميع حقوقهم، حيث أن المساعدات التي قدمت لهم لم تعن لهم شيئا أمام ما لحق بهم من أضرار نفسية وصحية ومهنية.

وأصبح اسم “مورا” منذ ذلك الحين راسخا بالذاكرة المغربية خاصة بمنطقة سوس، حيث أخذ الأبناء والأزواج منهم من عادوا لوطنهم محملين بالخيبات والأمراض ومنهم من ماتوا هناك مغتربين بعيدين عن دفء وطنهم.

مقالات ذات صلة

التوفيق: وزارة الأوقاف لديها مشروعان موجهان للجالية في الشأن الديني خلال 2025

التوفيق: وزارة الأوقاف لديها مشروعان موجهان للجالية في الشأن الديني خلال 2025

هل تم حل إشكالية رفض “فيزا” المغاربة نحو فرنسا؟ خبير يجيب

ألبرتو غوميز فونت.. الكاتب الإسباني الشغوف بالثقافة المغربية والمنبهر بطنجة

ما موقع مغاربة العالم من قانون مالية 2025؟..التامني: لا أثر للاهتمام بالجالية

ما موقع مغاربة العالم من قانون مالية 2025؟..التامني: لا أثر للاهتمام بالجالية

مغربية تفوز بجائزة إيطالية مرموقة في الطبخ

سفيرة المملكة المغربية في إسبانيا تزور فالنسيا وتلتقي بالجالية المغربية

جمعية إسبانية تحذر من عمليات نصب جديدة تستخدم السيارات للوصول إلى المعلومات المصرفية للأفراد

لمغاربة إسبانيا.. جمعية تحذر من وسيلة احتيال جديدة تستهدف المعلومات المصرفية

أعمال فنية مغربية تبهر الجمهور الأرجنتيني في بوينوس آيرس

اعتقال صنصال يدفع حاصلين على جائزة نوبل لمطالبة الجزائر إطلاق سراحه

حاملو جائزة نوبل غاضبون: على الجزائر إطلاق سراح صلصال

تعليقات( 0 )