حوار مع أحمد نور الدين: مغاربة العالم قوة ناعمة يجب توظيفها في القضايا الكبرى

أخمد نور الدين، الخبير في العلاقات الدولية.

شكلت قضية الصحراء المغربية، أهم القضايا الوطنية التي حظيت بحيز كبير من استراتيجيات الدولة ومخططاتها، وخصصت لها ميزانيات ضخمة، على مدى سنوات من الترافع داخل الهيئات والمنظمات الدولية، وكان لمغاربة العالم دور مهم فيها، حيث ساهموا في دعم الديبلوماسية المغربية، لتحقيق مكاسب على مختلف المستويات، أبرزها على مستوى المؤسسات الدولية ودواليب صناعة قرار الدول الكبرى.

كما أصبحت تحويلات مغاربة العالم الضخمة إلى أرض الوطن، في ظل الأزمة الإقتصادية الدولية، درسا من دروس التضامن والتعاون للإنسانية جمعاء، خصصت لها دراسات وسلطت عليها أضواء الإعلام الدولي، مما ساهم في تلميع صورة البلد، كـ ’’قوة ناعمة’’ لعبت دورا مهما في ترسيخ صورة إيجابية عن المغرب وشعبه وثقافته.

ويعد الإنجاز الكبير لأسود الأطلس، في مونديال قطر 2022، وجها من أوجه الارتباط الوثيق لمغاربة العالم مع بلدهم الأم، بعدما ساهم أبناء الجالية المغربية بشكل كبير في تحقيق الإنجاز التاريخي، ببلوغ النصف النهائي للمنافسة، وكسب تضامن العالم وتحقيق أرقام قياسية على مستوى محركات البحث على الإنترنيت.

وللحديث عن هذه المواضيع، استضاف منبر ’’سفيركم’’، الباحث والخبير في العلاقات الدولية، أحمد نور الدين، للإجابة عن عدد من التساؤلات.

وفي ما يلي نص الحوار:

كيف ساهم مغاربة العالم في خدمة القضية الوطنية؟ 

مع الأسف ما تزال صورة مغاربة العالم، في أذهاننا مرتبطة بالعطلة الصيفية أو شراء بعض العقرات أو تحويل الأموال، بالرغم من كون التحويلات ليس بالأمر الهين، لكونها تجاوزت خلال السنتين الأخيرتين، حوالي 11 مليار دولار، والبتالي سنكون ربما أول دولة إن لم من نكن الثانية على المستوى العالمي، من حيث عائدات ومداخيل الجالية الوطنية في الخارج، متجاوزين عددا من الدول، أبرزها جالية الدول المصرية  والصينية والمكسيكية.

إن هذه الأرقام مؤشر يترجم الارتباط الوثيق للمغاربة بأرض الوطن، من كل الديانات بالإضافة إلى الأقليات، وهذا الارتباط هو عاطفي ووجداني وارتباط بالقضايا الأساسية، على رأسها قضية الوحدة الترابية للمملكة.

لا زال التأثير مؤسساتيا، ولا نستعين بهذه الجالية كما ينبغي، وكمثال لذلك، دستور 2011، الذي أعطى الحق للجالية في المشاركة في الانتخابات، لكن لحد الآن لم يتم تفعيل هذا الحق الدستوري لهؤلاء المغاربة.

ماذا سيستفيد المغرب من تخصيص تمثيلية لمغاربة العالم داخل البرلمان؟ 

إن انخراط مغاربة العالم داخل البرلمان، سيمكنهم من إمكانيات أوسع سياسياً، من أجل العمل وفق آليات دستورية لدعم القضايا الوطنية.

وتحدثت الخطابات الملكية الأخيرة عن السيادة في الأدوية، والمجال الطبي والتكنولوجيا، والمشاريع التي أقبل عليها المغرب في صناعة السيارات الهيدروجين والطاقات المتجددة، والتي تحتاج إلى كفاءات وطاقات عالية، نتوفر عليها في الجامعات، والمختبرات، والمصانع، والشركات الأوروبية والأمريكية وبالعالم أجمع.

رأينا ذلك أثناء تفشي كوفيد 19، حيث برزت في الصناعات والتكنولوجيا في كوريا الجنوبية، أسماء مغربية، ساهمت في حصولنا على الكميات الكبيرة والوافرة من جرعات اللقاح المضاد للفيروس، في الوقت الذي كانت فيه الدول الكبرى، تتنافس للحصول على هذه المادة.

ما يلزمنا الآن هو تحويل هذه المكتسبات الدستورية، إلى أرض الواقع، وهذا ما عززته الخطب الملكية، أبرزها خطاب سنة 2022، بمناسبة ثورة الملك والشعب، الذي خصص تقريبا للجالية المغربية، حيث قدم لها الملك محمد السادس، من خلاله التحية لما تقدمه للبلاد، سواء على مستوى القضية الوطنية، أو القضايا الاقتصادية وتحويل الأموال أو الاستثمارات أو القضايا الاجتماعية، لأن كل عائلة موجودة بالخارج لها ارتباط بعائلة في أرض الوطن.

هذه التحويلات التي تجاوزت 11 مليار دولار، تكفي لتعطينا قيمة مغاربة العالم. اليوم نحن بحاجة إلى تفعيل الخطاب الملكي الذي مرت عليه الآن سنة ونيف، كأول شيء، حيث دعا إلى الحكامة بين المؤسسات المتعددة التي تشرف على مغاربة العالم، كما أننا محتاجون أيضا إلى تفعيل الدستور، وتأطير مغاربة العالم حول آليات الدفاع عن القضية الوطنية، وهذا ما قام به مجلس الجالية المغربية مشكورا.

كيف للقوة الناعمة بقيادة أبناء الجالية خدمة مصالح المغرب دوليا؟

الحديث عن القوة الناعمة، يجرنا إلى الحديث عن مبادرة تأطير الجالية، وهي مبادرة تحتاج إلى تطوير، وهناك طبعا مبادرات أخرى يجيب اتخاذها سواء على المستوى التكويني أو التنظيمي، وهذا ما يسمى ب”soft power”  أو “القوة الناعمة”، في ظل توفرنا على 5 مليون مغربي، منهم الآن من وصل إلى مناصب عليا، من وزراء في الدول الأوروبية، ورؤساء بلديات كبرى مثل روتردام الهولندية، وفي كندا، والولايات المتحدة الأمريكية والدول الإفريقية.

إن القوة الناعمة التي يتوفر عليها المغرب، لم يتم استغلالها كما ينبغي، وبالرغم من ذلك فمغاربة العالم يقومون بدور كبير في الدفاع عن مصالح بلدهم خاصة في الأزمات، ونذكر على سبيل المثال، حينما اندلعت الأزمة الديبلوماسية المغربية الألمانية، كان من بين العناصر المؤثرة في تجاوز الأزمة، أحد المغاربة المنتخبين في ألمانيا، والذي حظي بشكر خاص من قبل الملك محمد السادس.

إن الجالية المغربية، تدافع بشكل كبير عن التراث المغربي، خاصة في الحرب القذرة التي خاضتها الجارة الشرقية، من أجل  قرصنة التراث والشخصيات المغربية، مثل الرحالة المغربي ابن بطوطة، حيث قام مؤثرون مغاربة معروفون في أوروبا، بإطلاق حملات ومقاطع فيديو تفضح هءه الممارسات، وهذا شكل من أشكال الدفاع عن القضايا الوطنية، والقوة الناعمة بشكل عام.

أبناء الجالية المغربية ساهموا بشكل كبير في الإنجاز التاريخي بكأس العالم قطر 2022، هل يمكن اعتبار ذلك ديبلوماسية موازية؟ 
نحيي هؤلاء الشباب على اختيارهم اللعب بقميص المنتخب المغربي، بالرغم من كونهم أمام خيارات وإغراءات صعبة، من قبل الدول الأوروبية، وما أدراك الدول الأوربية.
هذا الاختيار يؤكد بالملموس، الحس الوطني الكبير للشباب المغاربة، واستقبالهم من قبل الملك رفقة أمهاتهم، بعد العودة من كأس العالم قطر 2022، إلى أرض الوطن، رسالة واضحة من عاهل البلاد، بالدور الكبير الذي تلعبه الأمهات المغربيات في ترسيخ القيم الوطنية، وتوارثها جيلا بعد جيل.
وتحدث الخطاب الملكي الأخير، بمناسبة ذكرى المسيرة الخضراء،  عن هذه القيم الوطنية لدى الشعب المغربي، قاطبة في الداخل والخارج، كما لعب المنتخب الوطني دوراً كبيراً في تلميع صورة المغرب، وهذا ما أكدته الإحصائيات على مستوى محركات البحث، بعدما حطم المغرب أرقاما قياسية في البحث عنه.
هذا الأمر سينعكس طبعا على السياحة وتشجيع الاستثمارات، لأن أنظار العالم أصبحت الآن موجهة إلى المغرب، من أجل معرفة تاريخه وثقافته، وأسباب تواجده مع إسبانيا والبرتغال في ملف مشترك لتنظيم نهائيات كأس العالم 2030.

تعليقات( 0 )

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)

مقالات ذات صلة

الاتحاد الأوروبي يناقش تعديلات قانونية تجرم الهجرة غير النظامية

معبر سبتة المحتلة يثير انزعاج المغاربة والإسبان

الجالية المغربية بفرنسا تُعرب عن مساندتها للمشاركين المغاربة في الأولمبياد

الرباط.. الوكالة الأممية تعقد اجتماعا حول تحسين طرق الهجرة بين إفريقيا وأوروبا

وقفة احتجاجية لمغاربة العالم أمام مجلس الجالية للتنديد بالتهميش والتمييز