كشفت دراسة حديثة أن تطبيق الذكاء الاصطناعي “شات جي بي تي”، الذي طورته شركة “Open AI”، يقدم نصائح شخصية جيدة أفضل من كتاب العمود.
وجاء في هذه الدراسة التي نشرت نتائجها في مجلة “Frontiers In Psychology”، أن التحديثات الأخيرة من “شات جي بي تي”، تقدم نصائح شخصية أفضل من كتّاب العمود المهنيين.
وتابعت الدراسة أن تقنية “شات جي بي تي”، تتميز بقدرات هائلة على التكيف، حيث أنها في غضون شهرين فقط من إطلاقها في نونبر من العام الماضي، استطاعت أن تجذب حوالي 100 مليون مستخدم بشكل نشط شهريا.
ويعمل روبوت الدردشة بنموذج لغوي ضخم، ويعد واحدا من أكبر النماذج على الإطلاق، ويحتوي الإصدار المدفوع الأكثر تطورا “GPT-4” على حوالى 1.76 تريليون خاصية (مما يعني أنه نموذج ذكاء اصطناعي قوي للغاية)، ما جعله يشعل فتيل ثورة كبيرة في صناعة الذكاء الاصطناعي.
وواصلت الدراسة أن التقنية تدربت على كميات ضخمة من النصوص، منها نصوص تأخذها من الإنترنت، ما يجعلها قادرة على تقديم نصائح حول أي موضوع تقريبا، وتجيب على أي أسئلة حول القانون، والطب، والتاريخ والجغرافيا والاقتصاد وأكثر، كما يمكنها كتابة رموز برمجة الكمبيوتر، وإرشاد الناس حول كيفية تغيير سوائل الفرامل في سياراتهم.
وأكدت الورقة البحثية أن قدرة التقنية الكبيرة وأسلوبها المتنوع، جعلها تخلق لدى الناس نوعا من الدهشة، دفع العديد من الأشخاص إلى اللجوء إلى هذا الروبوت من أجل إتمام مهامهم الوظيفية والحصول على نصائح شخصية.
وتقدم هذه التقنية، بحسب البحث، نصائح ذات طابع شخصي يتسم بمستوى معين من التعاطف، خاصة وأن مجموعة من الأبحاث أظهرت أن المستلم الذي لا يشعر بأن أحدا يسمع له قد لا يكون مستعدا لقبول النصيحة المقدمة له، قد يشعر حتى بالاغتراب أو التقليل من قيمته. ببساطة، النصيحة بدون تعاطف غير مرجح أن تكون مفيدة.
علاوة على ذلك، غالبا ما لا توجد إجابة صحيحة عندما يتعلق الأمر بالمواقف الشخصية، بدلاً من ذلك، يجب على الناصح أن يظهر حكما سليما ونصيحة مناسبة، لأنه في مثل هذه الحالات، يكون التعاطف مهما من أن يكون “صحيحا”.
وأشارت الدراسة إلى أن إصدار “GPT-4″، الأحدث من”ChatGPT”، يسمح للمستخدمين بطلب أجوبة متعددة لنفس السؤال، بعد ذلك يمكنهم تحديد الإجابة التي يفضلونها. وتعلم هذه التقنية كيفية إنتاج إجابات أكثر اجتماعية بشكل يساعده على الظهور بشكل أكثر تعاطفا.
ولأول مرة، تبحث هذه الدراسة في ما إذا كانت ردود “ChatGPT” أفضل من ردود البشر، في مواقف كان يتعين على البشر أن يظهروا فيها تعاطفًا.
وعمد الباحثون إلى اختيار 50 سؤالا عشوائيا حول مشاكل اجتماعية، تم نشر نصائح حولها في أعمدة مشهورة، وتغطي هذه الأسئلة مجموعة من المواضيع، بما في ذلك العلاقات، والمأزق الأخلاقي ومشاكل الإدارة وقضايا نهاية الحياة، والكثير من المشاكل اليومية التي يمكن للجميع أن يتعلق بها.
ومنحت الدراسة سؤالا لكل مشارك البالغ عددهم 400 شخص، جنبا إلى جنب مع النتائج التي قدمها “ChatGPT” عن كل موقف، وقدمت التقنية نصائح أفضل من كتاب العمود، ومع ذلك، ودون معرفة الإجابات التي تم إنتاجها بواسطة الذكاء الاصطناعي، قال المشاركون أنهم ما زالوا يفضلون أن تعالج مشاكلهم الاجتماعية من قبل الإنسان بدلا من الكمبيوتر.
ورجحت الدراسة أن يكون هذا التحيز لصالح البشر بسبب أن “شات جي بي تي” لا يستطيع فعليا أن يشعر أو يكون عاطفيا، بينما يمكن للبشر ذلك، لذلك يعتبر المشاركون أن الآلات غير قادرة بشكل طبيعي على التعاطف.
وأوضحت الدراسة أنها لا تقترح أبدا أن يحل “ChatGPT” محل المستشارين المحترفين أو الأخصائيين النفسيين، لا سيما لأن روبوتات الدردشة نفسها تحذر من ذلك، وأيضا لأن هذه الروبوتات كانت قد قدمت في الماضي نصائح قد تكون خطيرة بالفعل.
وخلصت الدراسة إلى أن نتائجها تظهر أن روبوتات الدردشة المصممة بشكل مناسب، يمكن أن يتم استخدامها في يوم من الأيام لتعزيز العلاج، طالما أنها استطاعت التعامل مع مجموعة من القضايا، لافتة إلى أنه مع التطور الحاصل في هذه التقنيات، يحبذ أن يأخذ كتّاب الأعمدة دروسا ونصائح من كتب الذكاء الاصطناعي لتطوير أدائهم.