كشفت نتائج الإحصاء العام للسكان والسكنى لسنة 2024، الذي أنجزته المندوبية السامية للتخطيط، عن تحول مدينة طنجة إلى حاضرة مليونية خلال السنوات العشر الأخيرة، حيث تجاوز عدد سكانها المليون و275 ألفاً و428 نسمة، موزعين على مقاطعات المدينة الأربع.
وتغيرت ملامح المدينة بجماعتها الحضرية، إضافة إلى التجمعات السكانية المجاورة، لتصبح ثاني وجهة للمغاربة بعد الدار البيضاء، بحثاً عن فرص جديدة سواءً على المستوى الاقتصادي أو الاجتماعي، متجاوزة العاصمة الرباط، وعاصمة السياحة مراكش، وأيضاً العاصمة التاريخية فاس.
وأصبحت المدينة بضواحيها تحتضن كبرى المناطق الصناعية، وأشهرها مصنع شركة السيارات الفرنسية “رونو” الذي يشغّل، كغيره من المصانع، مئات الآلاف من الأيدي العاملة المغربية القادمة من مختلف جهات المغرب.
وعبر التاريخ، اشتهرت مدينة طنجة بكونها ملاذاً ثقافياً وملتقى حضرياً ووجهة سياحية دولية؛ وعلى الرغم من كونها أقدم مدينة مغربية (3000 سنة)، فإنها وخلال عدة مراحل تاريخية كانت تحتل الرتبة الثالثة بعد مدينتي فاس ومراكش، بحسب الدكتور أحمد الطلحي، الخبير البيئي والمعماري.
وأوضح الطلحي، في تصريح لـ”سفيركم”، أن عروس الشمال كان عدد سكانها يقدر بـ20 ألف نسمة عند نهاية القرن التاسع عشر، وتضاعف قبيل الاحتلال ليصل إلى 40 ألف نسمة حسب تقديرات عام 1910.
وخلال فترة الحماية الدولية، انتقل الثقل الديموغرافي، وفق الخبير المغربي، إلى الساحل الأطلسي، وخاصةً مدينة الرباط التي أصبحت العاصمة الإدارية، ومدينة الدار البيضاء التي أصبحت العاصمة الاقتصادية. وبذلك، تراجعت مرتبة مدينة طنجة إلى المرتبة الخامسة، حيث بلغ عدد سكانها 60 ألف نسمة عام 1939 و86 ألف نسمة عام 1950.
وبعد الاستقلال، أفاد الطلحي أن المدينة شهدت نمواً ديموغرافياً كبيراً، لكنها ظلت دائماً في المرتبة الخامسة، إذ قُدّر عدد سكانها بحوالي 142 ألف نسمة عام 1960، ونحو 188 ألف نسمة في عام 1971، و497 ألف نسمة في عام 1994، و670 ألف نسمة في عام 2004.
واستطرد الطلحي بأن المشاريع التنموية الكبرى التي شهدتها المدينة، من المركب المينائي طنجة المتوسط إلى المناطق الصناعية التي أصبحت توفّر 200 ألف وظيفة، إضافةً إلى مشاريع البنية التحتية، ساهمت في زيادة النمو الديموغرافي للمدينة.
وأكد أن وتيرة النمو السكاني في طنجة أصبحت أسرع من باقي المدن المغربية، حيث ارتفع العدد إلى حوالي 944 ألف نسمة عام 2014، مما جعلها تحتل المرتبة الثالثة بعد الدار البيضاء وفاس، متجاوزة الأقطاب الحضرية التاريخية كمراكش والرباط وسلا.
وأضاف أن طنجة، وفق نتائج الإحصاء الأخير، تجاوزت مدينة فاس وأصبحت القطب الحضري الثاني والقطب الاقتصادي الثاني للمملكة، حيث وصل عدد سكان المدينة إلى أكثر من مليون و275 ألف نسمة.
وأشار الخبير الطنجاوي إلى أنه بإضافة سكان جماعة جزناية، الواقعة ضمن النطاق الجغرافي لمدينة طنجة، فإن العدد الإجمالي سيصل إلى مليون و363 ألف نسمة.
في المقابل، اعتبر الطلحي أن النمو الديموغرافي السريع للمدينة، المنطقي بسبب النمو الاقتصادي، له بعض السلبيات، منها على سبيل المثال انتشار السكن العشوائي.
وقدّر الطلحي نسبة سكان المناطق العشوائية بـ60% من مجموع سكان المدينة، وتصل النسبة إلى 70% في مقاطعة بني مكادة، مما يؤثر على جمالية النسيج العمراني للمدينة، إلى جانب الآثار السلبية المعروفة لهذا النوع من التعمير.
كما أشار الطلحي في ختام تصريحاته لـ”سفيركم” إلى أن من المظاهر السلبية الأخرى تسجيل اختناقات مرورية في معظم المحاور الطرقية وفي أوقات كثيرة من اليوم، مما يؤدي إلى تلوث الهواء والتلوث السمعي.
ودعا الطلحي إلى ضرورة تنفيذ المزيد من برامج التأهيل الحضري للمدينة، خاصةً وأنها أصبحت معروفة عالمياً، وأصبحت وجهة سياحية واعدة، كما أنها من المدن التي ستستضيف بعض مباريات “كاف 2025″ و”المونديال 2030”.