لم تقتصر تداعيات الزلزال، الذي ضرب قبل أيام، مناطق مختلفة من المملكة، على الجوانب الإنسانية والبيئية فقط، بل تجاوزتها إلى الجانب الاقتصادي، نتيجة تدمير البنية التحتية والمرافق الحيوية بأغلب المناطق المنكوبة.
وضرب الزلزال المغرب، في وقت تتمتع فيه المملكة بعوامل جذب اقتصادية، على مستوى عدد من القطاعات الرئيسية، كالسياحة، والفلاحة، والصناعة وغيرها، كما يواجه تحديات وضغوطات اقتصادية مهمة، من قبيل ارتفاع معدلات التضخم، وكلفة الواردات، والتبعات الشديدة لأزمة الجفاف، وانعكاسات الحرب الروسية الأوكرانية.
وعادة، ما تنقسم الخسائر الاقتصادية الناتجة عن مثل هذه الكوارث، بين المباشرة التي تشمل دمار المناطق المنكوبة وبنياتها التحتية، وغير المباشرة، وتعني تأثر القطاعات الرئيسية، على سبيل المثال القطاع السياحي، الذي يعد جزء مهما في نمو الاقتصاد المغربي.
وتوقعت هيئة المسح الجيولوجي الأميركية، أن تكون تداعيات الزلزال الاقتصادية، “واسعة النطاق”، بنسبة تبلغ 8 بالمئة، من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد، الذي يبلغ، بحسبها، حوالي 130 مليار دولار، ناهيك عن الأضرار البشرية الكبيرة.
وفيما يتعلق بتأثر القطاع السياحي من هذه النازلة، فقد عرفت منطقة الحوز، ومراكش والنواحي، انهيار مجموعة من المباني، خاصة في الدواوير التي تعتمد جل منازلها على الطين والطوب، إضافة إلى انهيار مسجد “تنمل”، الذي يعد موقعا أثريا وسياحيا، يجذب الزوار من حول العالم، وكذا أجزاء من مدينة مراكش القديمة، التي تدخل في قائمة التراث العالمي لمنظمة “اليونسكو”.
وبلغت إيرادات القطاع السياحي في المغرب، خلال الأشهر الأربعة الأولى من سنة 2023، ما مجموعه 77 مليار درهم (7.5 مليار دولار)، وهو ما يعادل زيادة تقدر بـ66 بالمئة، على أساس سنوي.
وفيما يخص الناتج الداخلي الإجمالي، فالمغرب يتصدر المرتبة الخامسة على صعيد القارة الإفريقية، وذلك حسب بيانات البنك الدولي، فيما وصل الناتج المحلي الإجمالي للمملكة، بالأسعار الجارية خلال سنة 2023، ما مجموعه 1330 مليار درهم، وذلك في مقابل 1274 مليار درهم، خلال سنة 2021.
أما على المستوى الوطني، فقد سجل البنك المركزي المغربي، نموا في الاقتصاد المغربي، بنحو 1.3 بالمئة في سنة 2022.
وجاء في تصريح للمحلل الاقتصادي المغربي، إدريس العيساوي، لـ”اقتصاد سكاي نيوز عربية“، أن “الكارثة التي أصابت منطقة الجنوب، خصوصا ضواحي مدينة مراكش، هي كارثة خطيرة جدا، وبالتالي فإن التقديرات المرتبطة بالخسائر الاقتصادية المحتملة، التي يتداولها البعض، مثل التقديرات الصادرة عن هيئة المسح الجيولوجي الأميركية، قد تكون صحيحة وغير مبالغ بها”.
وتجدر الإشارة إلى أن البنك الدولي، كان قد أعلن يوم الأحد، في بيان نشره على موقعه الإلكتروني، عن دعمه للمغرب عقب الزلزال، الذي ضرب عدة مناطق من البلاد، وأسفر عن مقتل وإصابة الآلاف.
وجاء في البيان: “مشاعرنا مع الشعب المغربي في أعقاب الزلزال المدمر. تعازينا الحارة للجميع الذين فقدوا أحباءهم في هذه الأوقات العصيبة، نقف مع الشعب المغربي وسلطات المملكة المغربية في مواجهتهم لهذه المأساة، لقد كنا على تواصل مع السلطات المغربية، وعبرنا عن مشاعر الحزن والدعم نيابة عن موظفي ومجلس إدارة صندوق النقد الدولي”.