دعا المجلس الوطني لحقوق الإنسان، إلى مراجعة الإطار القانوني المنظم لحقوق اللاجئين والمهاجرين بالمغرب، مقدما توصيات من شأنها تسهيل مساطر التقاضي، وتوفير المعلومة القانونية والقضائية، وتيسير ولوج هذه الفئة إلى العدالة.
وحسب دراسة أنجزها المجلس، بشراكة مع المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، بخصوص “الولوج للعدالة من طرف الأجانب بمن فيهم اللاجئون وطالبو اللجوء”، وجب الإسراع بإخراج قانون الهجرة واللجوء إلى حيز الوجود، مؤكدة ما جاء في التقارير السنوية للمجلس الوطني منذ سنة 2019.
وأبرزت الدراسة التي تم عرض نتائجها، يوم 31 يناير 2023, بالرباط، أهمية تفصيل وتوضيح الإجراءات التي تمكن اللاجئين والمهاجرين بالمغرب من المطالبة بحقوقهم، في مقدمتها المساعدة القانونية والقضائية.
وفي هذا الصدد، اعتبرت الدراسة أن “الوضع القانوني الحالي لا يساعد ولوج الأجانب إلى العدالة، بغض النظر عن وضعهم القانوني، لأسباب عديدة؛ بعضها يرجع إلى التشريعات، والبعض الآخر مرده إلى عدم تهيئة فضاءات المحاكم ومواردها البشرية لمسايرة الوضع الجديد الذي يعرف تزايدا في عدد الأجانب المقيمين بالمغرب نتيجة التحولات التي يعرفها ملف الهجرة، وتحول المغرب من بلد مرور إلى بلد استقرار لعدد من الأجانب، خاصة المنحدرين من بلدان جنوب الصحراء”.
قانون للمساعدة القانونية والقضائية
وأكد مجلس حقوق الإنسان نقلا عن خبراء استمع إليهم خلال إعداد الدراسة، على أهمية إصلاح نظام المساعدة القانونية والقضائية، داعيا إلى إقرار نظام جديد ومتكامل يضمن الحق للجميع في ولوج العدالة.
كما من شأنه، يضيف المجلس، تمكين المتقاضين بشكل مبسط ومفهوم وباستخدام مختلف الوسائل الممكنة، من التعرف على حقوقهم وواجباتهم المرتبطة بالإجراءات الإدارية والقضائية، وتقريبهم من القضاء، ومواكبة مختلف المستجدات، والموازنة بين الاعتبارات المالية والاجتماعية والإنسانية قبل منح المساعدة المطلوبة.
التبليغ والطعن
سجل المجلس في دراسته، أهمية التنصيص على إجراءات مسطرية خاصة بتبليغ القرارات الصادرة في حق الأجانب المتعلقة بقانون 02.03، مع وضع مسطرة موحدة لمدة الطعن حتى “لا يحس الأجنبي بالمعاناة وهو يقاضي الإدارة”، أو تحديد أجل الطعن حسب وسيلة التبليغ.
ويتأتى ذلك، حسب الدراسة نفسها، من خلال مشروع قانون ينظم المساعدة القانونية والقضائية ويحدد نطاقها والأشخاص المستفيدين منها، والجهات المختصة بمنحها، كما يضبط بصورة دقيقة مسطرتها وآجالها وشروط منحها، وينظم الطعن في المقرر الصادر بمنحها، وقواعد سحبها وتصفية مصاريفها.
رفع عدد التراجمة المحلفين
ونصحت الدراسة التي استندت إلى بحث أجري في الفترة ما بين شتنبر ودجنبر من سنة 2018، برفع عدد التراجمة المحلفين وزيادة تخصصات جديدة، مع الاستعانة بخدمات الجمعيات العاملة في ميدان الهجرة.
كما نصت على الاستعانة بتكنولوجيا الاتصال وتوفير الترجمة عن بعد، وخلق شبكة للتراجمة المتخصصين سواء بالنسبة للغات المعروفة كالإنجليزية والإسبانية والفرنسية، أو بعض اللغات التي تعرف خصاصا على مستوى التراجمة المتخصصين، أبرزها اللغات المحلية ببلدان افريقيا جنوب الصحراء، وبعض بلدان أوربا الشرقية، واللغات الأسيوية واللغة التركية.
وفي هذا السياق، سجلت الدراسة أن “غياب تراجمة قادرين على التواصل باللغات المحلية الإفريقية”، من بين معيقات ولوج الأجانب إلى العدالة بالمغرب.
تكوين القضاة والتنسيق مع المفوضين
وأفادت الدراسة التي اعتمدت على تحليل النصوص القانونية ذات الصلة بوضعية الأجانب بالمغرب في علاقتها بالحق في الولوج إلى العدالة، أنه لتيسير هذه المهمة، يجب مراجعة مناهج تكوين القضاة وتضمينها القانون المنظم لوضعية الأجانب، مع الاهتمام بالتكوين المستمر للقضاة في تطبيق الاتفاقيات الدولية لحقوق الانسان.
كما حثت الدراسة على ضرورة إحداث مكتب لاستقبال المفوضين القضائيين والتنسيق معهم داخل المحاكم، يروم تسهيل الإجراءات على المتقاضين، من جهة، وتحسين ظروف قيام المفوضين القضائيين بمهامهم، من جهة أخرى، مع إحداث خليتين الأولى معلوماتية لتسجيل الإجراءات التي يقوم بها الأخيرون في ملفات التبليغ والتنفيذ، والثانية للمداومة لضمان سير العمل أيام العطل وخارج الأوقات الرسمية.