حقق تطبيق “تيك توك” نجاحا باهرا، وتفوق على باقي التطبيقات الأخرى، بعدد مستخدمين يفوق مليار مستخدم، من جميع بقاع العالم، ممن تتراوح أعمارهم بين 12 و25 سنة.
ويتيح التطبيق لمستخدميه، تصوير ومشاركة مقاطع فيديو قصيرة، مرفوقة بموسيقى وتأثيرات مرئية، لكن هذه الفئة، تجد نفسها متأرجحة، بين مطرقة الوهم وسندان البحث عن الأضواء.
وتُفسر هذه الشعبية الكبيرة، التي يحظى بها تطبيق “تيك توك”، بكونه يمنح الجميع باختلاف أعمارهم، وجنسهم وأعراقهم، فرصة الظهور والتعبير عن أنفسهم، وكذا مشاركة مواهبهم، في مقاطع فيديو قصيرة ومتنوعة، منها الغنائية، والراقصة، والتمثيلية وغيرها.
وهذا ما يزيد من استهلاك المستخدمين للتطبيق، كما يرتفع معه فضولهم لاكتشاف المزيد، فحسب دراسة قام بها، تروي سميث، دكتور من جامعة “ترينيداد وتوبايغو”، تم تحديد مجموعة من سلوكيات الإدمان، لدى مستخدمي هذه المنصة.
وعمد المشرف على الدراسة، إلى جمع بيانات من 354 طالبا جامعيا، منهم 173 مستخدما لخدمة “تيك توك”، و313 مستخدما لـ”فيسبوك”، وقام المشاركون بالإجابة على استبيان، يُعرف بـ”مقياس بيرغن للإدمان على فيسبوك/ Bergen Facebook Addiction Scale”، الذي يقيس عناصر الإدمان الستة، وتشمل البروز وحب الظهور، وتأثر الحالة المزاجية، والتسامح، والانكفاء والصراع، والانتكاس.
وسجلت الدراسة لدى المشاركين، طغيان الهوس بـ”فيسبوك”، والشعور المستمر بالحاجة إلى استخدامه، واللجوء إليه من أجل نسيان المشاكل الشخصية، بالإضافة إلى فشل محاولة تقليل الدخول إليه، والشعور بالقلق والانزعاج جراء المنع من استخدامه، وتأثيره بشكل سلبي على المدرسة والعمل، لافتة إلى أن من سجلوا درجات أعلى على هذا المقياس، استخدموا “تيك توك” بشكل أكثر.
وفيما يتعلق بالجانب الأخلاقي والقيمي، كشفت دراسة أخرى، نشرتها المجلة العربية لبحوث الإعلام والاتصال، أن “تيك توك” له آثار سلبية علـى المستخدمين، حيث يسبب مجموعة من الاضطرابات النفسـية.
وتابعت الدراسة: “فمن أجل تقديم التسلية، والترفيه، والإثارة والمرح، يتغير مفهوم السمات الشخصية السليمة والتوزيع الاجتماعي، ويزداد الابتذال حتى يحصل المستخدم، على أكبر عدد من الإعجاب على الفيديو الذي يقدمه، وله تأثير سلبي على الشباب في ظهور عقد نفسـية، مثل العقد الشخصية، وعقد الجمال الذاتي، فهو يعزز الابتذال، والعري بين هذه الفئة، ويتسبب في ظهور عقد التفوق والدونية لديهم”.
ويمكن أن يؤدي الكم الهائل، من مقاطع الفيديو التي تعرض يوميا، على مستخدمي منصة “تيك توك”، الذين تتراوح أعمارهم بين 12 و25 سنة، في كسر القيم الأخلاقية لديهم، وكذا إباحة مجموعة من التصرفات غير الأخلاقية، التي لا تحترم الخصوصيات الدينية والثقافية لكل بلد، وكذا الانتشار الكبير لجرائم “البيدوفيليا” على هذه المنصة، واستهداف الأطفال الصغار ممن ينزلون مقاطعهم.
وفي هذا الصدد، نشرت صحيفة “الدايلي ميل” البريطانية، سنة 2020، تقريرا أورد أن مجموعة كبيرة من الآباء في أستراليا، اكتشفوا أن أبناءهم في سن 10 و12، تلقوا رسائل وصور من “بيدوفيليين”، أي الأشخاص الذين يشعرون برغبة جنسية تجاه الأطفال، وكانت الشريحة واسعة، ولا تقتصر فقط على حالات فردية معدودة.
بالموازاة مع ذلك، قد يدفع حب الشهرة والرغبة في الأضواء، المستخدمين إلى علل نفسية، يتطلب علاجها وقتا وعناء كبيرين، وفي هذا الإطار، لفتت دراسة، نشرت في كتاب إلكتروني صدر السنة الماضية، عن وزارة الإعلام في السعودية، بعنوان “وسائل التواصل الاجتماعي وتأثيرها على الصحة العامة والصحة النفسية في السعودية”، أن مستخدمي “تيك توك” بشكل يومي، أظهروا معدل خطورة أعلى للإصابة بالاكتئاب، بنسبة 26 بالمئة، عن المستخدمين بشكل غير يومي، كما أظهر مستخدمو المنصة، بشكل يومي، معدل خطورة أعلى للإصابة بالقلق، بنسبة 33 بالمئة، عن المستخدمين بشكل غير يومي.
وخلصت دراسة، أنجزها باحثو علوم الكمبيوتر، بجامعة “مينيسوتا توين سيتيز”، أن كيفية تأثير “تيك توك”، على الصحة العقلية للمستخدمين، توصف بـ”المعقدة”، مؤكدة على أن هذه المنصة وخوارزميتها الفريدة، هي بمثابة “ملاذ وعائق للمستخدمين الذين يعانون من حالات عقلية”.