مليون ونصف مغربي لا يعملون ولا يدرسون.. فما الأسباب التي تقف وراء ذلك؟

بدأ المغرب في دق ناقوس الخطر فيما يخص البطالة التي انتشرت بكثرة في صفوف الشباب الإناث والذكور منهم، وقد أعلن المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي في هذا الصدد عن وجود مليون ونصف شاب وشابة لا يدرسون ولا يعملون ولا يقومون بأي برنامج تدريبي وتتراوح أعمارهم ما بين 15 و24 سنة، في حين وصل المعدل 4.3 مليون لدى الفئة العمرية ما بين 15 و34 سنة.

الهدر المدرسي

حسب المجلس فإن الانقطاع عن الدراسة من بين أسباب الهدر بحيث أن التلميذ يمكن أن ينقطع عن الدراسة لأنه واجه صعوبات منها الرسوب وصعوبة الوصول إلى المؤسسة التعليمية خاصة بالوسط القروي، بالإضافة إلى الاكراهات الاجتماعية والاقتصادية وتزويج الأطفال الإناث في وقت قاصر.

وأضاف تقرير المجلس أن حوالي 331 ألف تلميذ وتلميذة يغادرون صفوف الدراسة سنويا.

الانتقال من الدراسة إلى سوق الشغل

عزى المجلس أن الانتقال من الدراسة إلى سوق الشغل والصعوبات المرتبطة به يمكن أن تساهم في نسبة البطالة بصفوف الشباب، حيث أشار إلى أن 6 من أصل 10 شباب عاطلين يصطدمون بإكراهات قد تؤدي للإحباط، مثل عدم ملاءمة التكوين مع سوق الشغل، والفعالية المحدودة لخدمات الوساطة في سوق الشغل إضافة إلى التمييز بين الجنسين حيث أن النساء الأكثر معاناة من ذلك.

الانتقال بين وظيفتين

يفقد الشباب وظائفهم أو يتوقفون طواعية من أجل البحث عن فرصة أفضل، كما يمكن أن يكون الانقطاع عن العمل بسبب عدم احترام شروط الشغل اللائق وتدني مستويات الأجور مقارنة من كفاءاتهم.

من منظور علم الاجتماع

بخصوص هذه الأرقام التي رصدها تقرير المجلس، يرى الدكتور عبد الرحيم عنبي أستاذ علم الاجتماع بجامعة محمد الخامس بالرباط على أن “هذا الرقم مقلق وبالتالي فإن الجواب على المعطى يمكننا أن نراه من زوايا متعددة . فأول زاوية يمكن أن نقرأ منها هذا الرقم المقلق هي المدرسة، بمعنى هناك تناقض حيث أن المدرسة لم تطور مجموعة من الآليات لكي تجيب على عدد من الإشكالات التي تعيشها الناشئة حيث أن المدرسة مازالت تعتمد على ما هو تقليدي من مقررات وبيداغوجيات تقليدية أيضا، في حين أننا خلال العشرين سنة تقريبا ، منذ أن تعرف العالم على هذه الثورة التكنولوجية وتسارعها والانفتاح على الرقمي والمعلومات الجديدة التي أصبح يقدمها العالم الرقمي، أصبحنا أمام ناشئة تحمل مرجعية مختلفة عما يسود بالمدرسة وأمام ناشئة لديها تطلعات مختلفة لديها أحلام لا يمكن أن تحققها المدرسة لديها، أيضا مواقف من التكوين، مواقف من التعليم و من مخرجاته وكذلك مواقف من الترقي الاجتماعي الذي كانت تحققه المدرسة”.

وكمستوى ثاني يضيف عنبي في تصريحه ل”سفيركم” : ” يتمثل في الأسرة حيث هناك تفاوت بين جيل الآباء وبين هذا الجيل والفئة العمرية مابين 15 سنة و34 سنة يعني 4.3 مليون خارج المدرسة ولا يتابعون أي تكوين ولا يشتغلون . يعني هنا يوجد خلل بالمؤسسة الأسرية وهذا يدعو إلى إعادة النظر في المرجعيات للتنشئة الاجتماعية حيث كما قلت نحن أمام ناشئة لديها مرجعية مختلفة ونريد تربيتها بطريقة تقليدية”.

واسترسل في تصريحه، “هنا يمكن طرح تساؤل، هل الذين يدرسون ويذهبون إلى المدرسة ويتابعون تكويناتهم هل هم أيضا راضون فعلا على مستوى التكوين، على مستوى الوضع الذي يمكن أن يوصله للترقي الاجتماعي عبر المدرسة، أم أن هناك ضغوطات أسرية هي التي تجبرهم على متابعة الدراسة”.

والنقطة الثالثة التي أشار إليها أستاذ علم الاجتماع والتي لا تقل أهمية “هي أننا أمام جيل رقمي بامتياز يستهلك ما يوجد في الفضاءات الاجتماعية، وبالتالي أصبح لديه نماذج جديدة من الحياة كرمز للنجاح، فالناجح لديه ليس هو الذي يدرس او يتابع تكوينا انما هو ذاك الشخص أو “اليوتوبر” الذي يتجول في العالم ويحصد ملايين المشاهدات ويربح الأموال ورقما ماليا. شاب مثلا لديه محتوى تافها ولكن رغم ذلك يحصد أرقاما خيالية من الأموال”.

وأردف عنبي “هناك أيضا نقطة رابعة حيث يجب أن نقوم بدراسة ونسأل هؤلاء الأشخاص لماذا اختاروا هذا الوضع؟ حيث هناك خللا حتى على مستوى طرق التعليم لأن اليوم كما قلت، المتمدرسون لديهم تطلعات ونحن نحكم عليهم أنهم فاشلين وبالتالي يكون مصيرهم هو الشارع في حين كان يجب أن نستمع لهم ونعرف مواقفهم وندرسها وبالتالي يمكن إنقاذ ما يمكن إنقاذه”.

وختم أستاذ علم الاجتماع تصريحه على أنه يجب طرح فرضية “هل هذه الفئة يعني 4.3 مليون من الشباب ألا يمكن أن يكونوا يعانون من حالات اكتئاب، نتيجة تجاذب الحياة ، صراع بين المواقف وبين التطلعات وبين واقع يفرض عليهم أسلوبا كلاسيكيا. وهذا الصراع الذي يؤدي لاكتئاب قد يكون ناتجا عن الإدمان على وسائل التواصل الاجتماعي واستهلاك الموضوعات الرقمية، اكتئاب قد يكون ناتجا أيضا عن عالمين عالم معاش متخيل وعالم واقعي مليء بالتعقيدات والاحباطات وبالتالي يمكن ل4.3 مليون، اختارت ان تعيش في ذلك العالم المتخيل والعوالم الافتراضية”.

مقالات ذات صلة

محمد الحنصالي: قطاع التعليم الخصوصي يحتاج مبادرة من الدولة

وهبي: المحاماة في المغرب شهدت عدة أزمات والمهنة تتربص بها منافسة قوية

وهبي: المحاماة في المغرب شهدت عدة أزمات والمهنة تتربص بها منافسة قوية

المتقاعدون يعودون للاحتجاج أمام البرلمان

التلقيح ضد الإنفلوانزا الموسمية.. حمضي ل"سفيركم": قد تكون مميتة وحان وقت التطعيم

الإنفلونزا الموسمية: بين الوقاية بالتطعيم وخطر المضاعفات القاتلة

الحنصالي: التعليم الخصوصي استثمار في الإنسان وفي الرأسمال البشري وليس في الأموال

الشافعي: أثمنة اللحوم لن تنخفض مباشرة بعد الاستيراد وعلى الحكومة تسقيف الأسعار

جدل تدريس الأساتذة بالقطاع الخاص.. السحيمي لـ”سفيركم”: الأمر ليس مستجدا

الشامي: 86 في المائة من المغاربة مدمجون في التأمين الإجباري عن المرض

المغرب يحقق تقدما في مؤشر الأداء المناخي ويواصل ريادته في مجال الحياد الكربوني

تعليقات( 0 )