نزهة الركراكي، هي واحدة من النساء المغربيات اللواتي سلكن مسارا في وقت لم تكن تسلكه الكثيرات، وسارت في دروبه وهي تكتنز أحلاما تتسع للكون، فلم تكن تعلم وهي التي امتلكت ناصية التشخيص واستهوتها الخشبة، فشاركت للمرة الأولى في “قاضي الحلقة”، أن مشيئة القدر ستجعلها يوما ما راسخة في الذاكرة المغربية والعربية، كسيدة من سيدات الشاشة والمسرح المغربيين.
جمعت بين الجد والمرح، الكوميديا والدراما، فتارة تضحكنا بعبارة “يشويني فيك”، وتارة أخرى تحيرنا بـ”الفاختي”، وروحها دائما تواقة للمزيد، ففي كل مرة تشخص أدوارا جديدة، ترتدي عباءة شخصياتها وتتعمق فيما يخالج دواخلها، فتلامس بذلك شخصياتها قلوب الجمهور.
وكانت ولادة هذه الفنانة التي تبلغ حاليا 66 سنة، في 17 من شهر شتنبر من سنة 1957، واستهلت مشوارها الفني للمرة الأولى، من خشبة المسرح إلى جانب واحد من أعمدة المسرح المغربي، الراحل الطيب لعلج، عبر مسرحية “قاضي الحلقة” في سنة 1974.
وشكلت هذه المسرحية بشارة خير على نزهة الركراكي، حيث فتحت أمامها الباب على مصراعيه، للمشاركة في مسرحيات أخرى وتشخيص أدوار مختلفة، وفي العديد من خرجاتها الإعلامية، تذكر فضل هذه المسرحية عليها، وكونها واحدة من ذكرياتها المميزة، حيث قالت في حوار سابق لها: “شاركت في مسرحية ‘قاضي الحلقة’ إلى جانب الطيب لعلج، كانت انطلاقة متميزة، فتحت أمامي الآفاق لأتألق في أدوار كثيرة”.
وتملك الركراكي في بداياتها حب المسرح، فشاركت بعد “قاضي الحلقة”، في مجموعة من الأعمال المسرحية الأخرى من قبيل “الحكيم قنقون”، و”مريض خاطر”، و”الفضوليات”، و”المرأة التي” و”ساعة مبروكة” وغيرها.
وتمتلك الفنانة المغربية ناصية التشخيص والتمثيل، كيف لا وهي تتلمذت على يد أساتذة كبار من رواد المسرح المغربي، ويتعلق الأمر بأحمد الطيب لعلج، والمرحوم فريد بن مبارك، كما التحقت بعد ذلك بفرقة “القناع الصغير”، رفقة الفنانين أحمد الطيب لعلج، وعبد اللطيف الدشراوي، وفاطمة الركراكي، ومليكة العماري، وأحمد العماري، وعزيز موهوب، ومحمد رزين، ومحمد الجم وآخرون.
وسطع نجم السيدة نزهة، رفقة أعضاء الفرقة في عدد من المسرحيات، مثل “الرهوط”، و”تاجر البندقية”، و”قدام الربح”، و”وجوه الخير”، و”ساعة مبروكة”، و”الرجل الذي”، و”عندي عندك”، و”جا وجاب”، و”جار ومجرور” و”هذا انت”.
كما شكلت ثنائيا مميزا مع الفنان المغربي، محمد الجم، حيث مازالا إلى حدود الساعة، يقدمان عروضا مسرحية تلقى إشادة واسعة من قبل الجمهور المغربي، مثل مسرحية “جا وجاب”.
بالإضافة إلى تألقها في عالم المسرح، استطاعت نزهة الركراكي أن تبصم على مسيرة مميزة في عالم الشاشة والتلفزيون، حيث شاركت في مجموعة من الأفلام والمسلسلات، مثل “الرياح من توسان” في سنة 1989، و”أصدقاء الأمس” في 1998، و”مبروك” في 1999، و”جاني أم بريء” في 2000، و”هنا ولهيه” في 2005.
ناهيك عن تميزها في مجموعة من المسلسلات، مثل ” من دار لدار” سنة 2002، و”خالي عمارة” سنة 2006، و”خاطر من ندير” سنة 2014، و”دابا تزيان” سنة 2019، و”صافي سالينا” سنة 2022 ثم “يبان يبان”، و”عافاك أبابا” وغيرهما من الأعمال.
وما يؤكد تميز هذه المرأة المغربية، هو أنها بالإضافة إلى تقمصها جبة التنوع في عدد من الأدوار، فهي زوجة محبة وربة بيت وأم لولدين، أحدهما علي لمجرد والثاني الفنان المغربي، سعد لمجرد، الذي يحظى بشهرة واسعة عالميا.
ولا تنكر نزهة فضل زوجها عليها، حيث قالت في إحدى خرجاتها الإعلامية، إن نجاحها يعزى إلى تفهمه لظروف عملها، وتابعت قائلة: “زوجي المطرب البشير عبدو فنان متفهم، وواع بظروف عملي من جانب التصوير، والجولات والأسفار، نعيش حياة يطبعها الاحترام المتبادل فيما بيننا، ما مهد الطريق أمامي للإبداع أكثر والتألق في العديد من الأعمال التي قدمتها”.