اتفق قادة الاتحاد الأوروبي يوم الخميس على مضاعفة الإنفاق على الأمن والدفاع، بهدف تعزيز قدرات أوروبا العسكرية في مواجهة ما وصفوه بـ”التهديد الوجودي” الناتج عن العدوان الروسي على أوكرانيا، إلى جانب التغيرات في موقف الولايات المتحدة منذ عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض.
وعن الدور الذي قد يلعبه الجيش الأوروبي في حماية سبتة ومليلية المحتلتين في حال تعرضهما لتهديد، في إشارة إلى “التهديد العسكري المغربي”، أكد الأميرال الإسباني المتقاعد، خوان رودريغيز غارات، أن “معاهدة الاتحاد الأوروبي لا تضع قيودا جغرافية، بل تهدف إلى حماية وحدة وسلامة أراضي جميع الدول الأعضاء”.
وشدد في هذا الباب، وِفقا لما أوردته أوردته صحيفة “Cope.es“، على أن تفعيل هذه البنود يعتمد على مدى التزام الدول الأوروبية بمبادئ التضامن الدفاعي، قائلا: “إن الطريقة الأفضل لضمان الدعم الأوروبي لإسبانيا هي أن تكون مدريد بدورها وفية لحلفائها عندما يحتاجون إليها، كما هو الحال في أوكرانيا”.
ويرى الأميرال المتقاعد، أن المشكلة الأساسية التي تعيق إنشاء جيش أوروبي موحد تكمن في أن أوروبا ليست أمة واحدة، موضحا أن “الجيش يجب أن يكون مرتبطا ارتباطا وثيقا بفكرة الأمة، وأن ينبع من إرادة جماعية للدفاع المشترك”.
وأضاف خلال حديثه لبرنامج “Herrera en COPE” ، “قبل الحديث عن التمويل، يجب تحقيق تضامن داخلي بين الأوروبيين، بحيث يشعر الإسبان بأن الدفاع عن لاتفيا يهمهم، تمامًا كما يجب أن يشعر سكان لاتفيا بالمسؤولية تجاه الدفاع عن سبتة ومليلية”.
وأشار غارات إلى أن “حلف الناتو يمتلك هيكلا عسكريا متكاملا، وهو ما تفتقر إليه أوروبا، معتبرا أن بناء هذا الهيكل العسكري يحتاج إلى تضامن بين الدول، لكنه يتطلب أيضا منظومات عسكرية متقدمة لا يمكن تصميمها بين ليلة وضحاها”.
من بين أهم الثغرات التي تعاني منها أوروبا، بحسب الأميرال، هي غياب منظومة دفاعية مضادة للصواريخ الباليستية، مؤكدا أن “أوروبا لا تمتلك أي نظام قادر على مواجهة هذه التهديدات، كما أن شرائها من الولايات المتحدة لن يكون حلا مثاليا لضمان الاستقلال الاستراتيجي، مما يعني أن الحل الوحيد هو تصميم وبناء منظومة أوروبية خاصة، وهو مشروع قد يستغرق أكثر من عشر سنوات ليصبح جاهزا”.
وحول الحرب الأوكرانية، أكد غارات أن روسيا لا تمتلك تفوقا كبيرا في مجال الأقمار الصناعية، لكنها تستفيد من اعتماد أوكرانيا على الأقمار الصناعية الأمريكية.
وأشار بحسب صحيفة “Cope.es” الإسبانية، إلى أن الاقتصاد الروسي لا يمكنه مجاراة قدرات الاتحاد الأوروبي، إذ إن “الناتج المحلي الإجمالي لروسيا يعادل عُشر الناتج الأوروبي، مما يجعلها غير قادرة على امتلاك جميع القدرات العسكرية المتقدمة، لكنها تمتلك ما يكفي لمواصلة الحرب”.
وأضاف أن هناك “حملة تضليل إعلامي تحاول الترويج لفكرة أن أوكرانيا خسرت الحرب، بينما الواقع على الأرض يُظهر أن النزاع في حالة جمود عسكري”.
وعلاقة بالبنية الهيكلية للجيش الأوروبي، أوضح غارات أن “أوروبا لا تحتاج إلى المزيد من الجنود، بينما تواجه نقصا في الذخيرة والاحتياطات العسكرية”.
وأوضح أن “الدول الأوروبية تمتلك دبابات وفرقاطات، لكن المشكلة تكمن في غياب التنسيق العسكري والقدرات الاستراتيجية المتقدمة، مثل حاملات الطائرات الأمريكية، التي تُعد عنصرا أساسيا في أي استراتيجية بحرية قوية”.
وعن الجدول الزمني المتوقع لإنشاء الجيش الأوروبي، قال الأميرال إن “بناء الهيكل الأساسي للجيش يمكن أن يتم خلال عام إذا توفرت الإرادة السياسية، لكن للوصول إلى جيش أوروبي متكامل وقادر على خوض حرب عالية الكثافة دون الاعتماد على الولايات المتحدة، فإن الأمر سيستغرق ما لا يقل عن عشر سنوات”.