أخصائية: الاهتمام بالصحة النفسية ضرورة و”الكوتشينغ” النفسي أصبح “طوندونس”

بمناسبة اليوم العالمي للصحة النفسية الذي يصادف العاشر من الشهر الجاري، وفي إطار نشر الوعي بالصحة النفسي، أجرت جريدة “سفيركم” الإلكترونية الحوار التالي مع الأخصائية النفسية العصبية سارة لطيف، لتسليط الضوء على العديد من القضايا المتعلقة بالصحة النفسية.

وجاء الحوار كالتالي:

-بداية الأخصائية سارة، مامدى أهمية الصحة النفسية؟

‎في ظل التغيرات السريعة التي يشهدها العالم وتسارع وتيرة الحياة، أصبح الإهتمام بالصحة النفسية ضرورة أساسية، وليس مجرد رفاهية، نظرًا لدورها الحيوي في الحفاظ على توازن الإنسان وقدرته على العيش بفعالية في مختلف جوانب الحياة، سواء من حيث العمل، العلاقات، أو جودة الحياة بشكل عام.

‎من جهة أخرى، الاهتمام بالصحة النفسية يساعد في الوقاية من المشاكل قبل أن تتفاقم، ويتحقق ذلك عبر العناية بالجوانب النفسية مثل التواصل مع الآخرين، ممارسة الرياضة، الأكل الصحي، وتخصيص وقت للاسترخاء،وقد أثبتت الدراسات أن الأشخاص الذين يعتنون بصحتهم النفسية يكونون أكثر إنتاجية، وأقل عرضة للأمراض العضوية.

-هل المغاربة واعون بأهمية الصحة النفسية؟

‎بشكل عام يمكن القول بأن هناك تحسنا في الوعي بأهمية الصحة النفسية عند المغاربة في السنوات الأخيرة خاصة مع سهولة الوصول للمعلومة سواء على
‎ الانترنيت عموما أو على وسائل التواصل الاجتماعي التي ساهمت في نشر التوعية والتحسيس بالأمراض النفسية و طرق الوقاية و العلاج.
‎وأحاول شخصيا كأخصائية نفسية استغلال وسائل التواصل الاجتماعي في نشر الوعي بالصحة النفسية من خلال منشورات أو مقالات مبسطة باللغة الدارجة من أجل فهم و استيعاب أفضل للمتلقي.

‎ويمكن القول أن الوعي بأهمية الصحة النفسية عند المغاربة يختلف حسب الجنس (رجل،امراة)، و الفئات العمرية( الطفل ،المراهق،الراشد،الشيخ)، المستوى التعليمي(منخفط،متوسط،عالي) ، والبيئة الاجتماعية.

‎فمثلا لازال كثيرون ينظرون للصحة النفسية كموضوع فيه نوع من “الحشومة” أو “العيب”، ومنهم من يعتبر استشارة أخصائي نفسي ضعفا أو نوعا من “الجنون”، وأن المرض النفسي ما هو إلا ضعف في الإيمان و نتيجة للإبتعاد عن الله مما يجعل كثيرين، يترددون في طلب المساعدة أو الحديث عن المشاكل النفسية خوفا من هذه الوصمة الاجتماعية التي قد تلاحقهم.

‎لكن وبالمقابل، ألاحظ من خلال عملي أن هناك تزايدا على مستوى طالبي المساعدة النفسية، ويتجلى الأمر في عدد العيادات النفسية اللي تزايدت، والإقبال على العلاج النفسي والتوجيهات التي يقدمها الأخصائيون النفسيون عبر الإعلام والشبكات الاجتماعية وبرامج التوعية الهادفة إلى تصحيح المفاهيم الخاطئة عن الصحة النفسية.

‎إجمالا، الوعي في تطور مستمر، ولكن الطريق لا زال طويلا ليصل لجميع المغاربة بشكل أوسع، كما أن المجتمع بحاجة لمزيد من التثقيف والتوعية لخلق بيئة تشجع على الحفاظ على الصحة النفسية كما الجسدية.

-هل أصبح الكوتشينغ النفسي  بالمغرب مجرد “طوندونس”؟

‎الكوتشينغ النفسي تحول فعلا إلى “طوندونس” بالمغرب كما في عدد من البلدان الأخرى، ومرجع ذاك هو كثرة الطلب نظرا للتحول الحاصل على مستوى تصورات الأفراد اتجاه الصحة النفسية، والوعي بأهمية التطور الشخصي وتحقيق التوازن النفسي، الكل يريد اليوم أن يكون في حالة نفسية جيدة وأن يحقق أهدافه ويعيش براحة.

‎ولكن، من جهة أخرى، هناك تحديات كثيرة بهذا المجال، في ظل غياب الرقابة على ممتهني “الكوتشينغ” النفسي ، نجد أن البعض بدون تكوين علمي كافٍ، ومع ذلك يقدمون نصائحا وطرقا للعلاج يمكن أن تكون غير مناسبة، بل قد تؤثر سلبا على الأفراد، وبسبب غياب التنظيم بالمجال، صفة “كوتش” أصبحت مستهلكة، وقد تعطى بدون تخصص وبمجرد المشاركة في دورات قصيرة بلا دراسة معمقة و شواهد أكاديمية معترف بها وهنا تأتي أهمية توعية المواطنين لكي لا يكونو ضحية لأشخاص يستغلون معاناتهم من أجل تحقيق ربح مادي.

تعليقات( 0 )