تفاعلت “إسرائيل” بالإيجاب مع دعوات الوسطاء استئناف مباحثات الهدنة في قطاع غزة الأسبوع المقبل، إلا أنها واصلت اليوم الجمعة عملياتها العسكرية على الأرض خصوصا في منطقة خان يونس في جنوب القطاع المحاصر مما اضطر معه الفلسطينيون للنزوح مجددا.
وفي هذا الصدد اتهمت إيران، أمس الخميس إسرائيل بالسعي إلى “تصدير” الحرب التي بدأت في السابع من أكتوبر الماضي بهجوم شنته حركة حماس الفلسطينية على “الأراضي الإسرائيلية”.
وبعد عشرة أشهر من الحرب، يواصل “الجيش الإسرائيلي” قتال حماس في القطاع الفلسطيني، ويعاود التوغل في مناطق انسحب منها.
وأعلن الجيش الجمعة أنه يخوض قتالا “بريا وتحت الأرض” في مدينة خان يونس في جنوب القطاع الذي تحول إلى أنقاض، واستهدف بغارات جوية “أكثر من 30 هدفا إرهابيا لحماس”.
وأصدر الجيش الخميس أوامر لإخلاء أحياء في شرق المدينة تمهيدا لعمليات جديدة، ما دفع حشودا من المدنيين للنزوح مجددا سيرا وبالسيارات، وعلى مقطورات محملة فرشا وأمتعة.
وقال محمد عابدين الذي كان يقود دراجة نارية تجر عربة على متنها عشرات النازحين “أوقفوا هذه المهزلة”.
وأضاف: “هذه حرب قذرة، حرب إبادة… يكفي ما يحصل لنا هذا غير معقول”.
وأفاد الدفاع المدني بأن غارة أدت إلى سقوط ضحايا شرق خان يونس، فيما أودت غارة أخرى في النصيرات وسط القطاع بأربعة أشخاص.
خلفت الحرب، وفق وزارة الصحة التي تديرها حماس، نحو 40 ألف قتيل في القطاع الفلسطيني الصغير والمحاصر، حيث دفع جميع السكان تقريبا البالغ عددهم 2,4 مليون نسمة للنزوح.
وأدت الحرب إلى تفاقم التوترات بين إيران وحلفائها من ناحية، ولا سيما حزب الله اللبناني، وإسرائيل من ناحية أخرى.
وتزايدت المخاوف من اندلاع حرب إقليمية بعد اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية في 31 يوليوز في طهران، والذي حملت إيران مسؤوليته لإسرائيل، واغتيال القائد العسكري لحزب الله اللبناني فؤاد شكر في اليوم السابق في غارة إسرائيلية على ضاحية بيروت الجنوبية.
وأصدرت الولايات المتحدة وقطر ومصر التي تتوسط بين إسرائيل وحركة حماس بيانا ليل الخميس الجمعة حضت فيه الطرفين على استئناف المحادثات في 15 غشت في الدوحة أو القاهرة “لسد كل الثغرات المتبقية وبدء تنفيذ الاتفاق بدون أي تأجيل”.
وأضاف زعماء الدول الثلاث “حان الوقت للانتهاء من إبرام اتفاق لوقف إطلاق النار والإفراج عن الرهائن والمحتجزين”.
ووافقت إسرائيل على إرسال “وفد من المفاوضين إلى المكان الذي سيتم الاتفاق عليه في 15 غشت للانتهاء من تفاصيل تنفيذ الاتفاق”، وفق ما أفاد مكتب رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو.
بدوره أكد وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت “أهمية التوصل سريعا إلى اتفاق يضمن عودة الرهائن الذين تحتجزهم حماس في قطاع غزة”.
وقال مسؤول أميركي رفيع المستوى “لا يزال هناك الكثير من العمل الذي يتعين إتمامه”، مشددا على أن إسرائيل كانت “متقبلة جدا” لفكرة عقد هذه المحادثات.
واعتبر نائب مستشار الأمن القومي الإسرائيلي السابق تشاك فرايليك أن نتانياهو “حقق بعض النقاط (من خلال اغتيال هنية وشكر)، وهو يتصرف أكثر من موقع قوة الآن”.
وتابع: “لكن أعتقد أنه يحاول كذلك… التماهي مع الولايات المتحدة الآن لأن إسرائيل تحتاج الى الولايات المتحدة من أجل التعامل مع الهجمات المحتملة من إيران وحزب الله”.
وقالت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين من جهتها “نحتاج إلى وقف لإطلاق النار في غزة حالا. إنها الطريقة الوحيدة لإنقاذ الأرواح واستعادة الأمل في السلام وتأمين عودة الرهائن”.
وكتب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عبر منصة إكس الجمعة: “الحرب في غزة يجب أن تتوقف. هذا يجب أن يكون واضحا للجميع”، معتبرا أن ذلك “بالغ الأهمية لسكان غزة، للرهائن، ولاستقرار المنطقة، وهو على المحك اليوم”.
وفي اتصال هاتفي بينهما، أكد ماكرون ورئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر “دعمهما لبيان الولايات المتحدة ومصر وقطر الداعي الى استئناف سريع لمفاوضات وقف اطلاق النار والافراج عن الرهائن”، بحسب ما أوردت الرئاسة الفرنسية الجمعة.
كما دعا وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي إلى التوصل “بشكل عاجل” إلى اتفاق.
وعينت حماس هذا الأسبوع يحيى السنوار رئيسا لمكتبها السياسي، فيما تلاحقه إسرائيل وتتهمه بأنه أحد العقول المدبرة لهجوم 7 أكتوبر، الأمر الذي يثير مخاوف من مزيد تعقيد المفاوضات.
فيما تستمر الجهود الدبلوماسية لتجنب تصعيد عسكري إقليمي، بدأ قائد القوات الأميركية في الشرق الأوسط الجنرال مايكل إريك كوريلا الجمعة ثاني زيارة له إلى إسرائيل هذا الأسبوع، فيما عززت الولايات المتحدة وجودها العسكري في المنطقة.
وأضاف الحرس الثوري الإيراني صواريخ ومسيرات جديدة إلى ترسانة قواته البحرية، وفق ما أفاد التلفزيون الرسمي الإيراني الجمعة.
يعيش لبنان الذي حلقت طائرات إسرائيلية فوقه عدة مرات هذه الأيام على ارتفاع منخفض، في حال تأهب.
ويتواصل تبادل القصف على طول الحدود بين إسرائيل وحزب الله بشكل شبه يومي منذ بداية الحرب في غزة.
ونعى حزب الله الجمعة اثنين من مقاتليه جراء استهدافهما بغارة أعلن الجيش الإسرائيلي تنفيذها في بلدة الناقورة الساحلية في جنوب لبنان. كما أعلن أنه استهدف بالصواريخ مقر قيادة عسكريا في ثكنة كريات شمونة بشمال اسرائيل.
كذلك، قتل مسؤول أمن حركة حماس في مخيم عين الحلوة، أكبر مخيم للاجئين الفلسطينيين في لبنان، في غارة إسرائيلية في مدينة صيدا بجنوب لبنان، وفق ما أفاد مصدر أمني.
وأكدت الوكالة الوطنية للإعلام الرسمية في لبنان مقتل “القيادي في حركة حماس ومسؤول الأمن في مخيم عين الحلوة سامر الحاج، بعد استهداف مسيرة معادية لسيارته الرباعية الدفع”.
على صعيد متصل، استهدفت سلسلة هجمات بصواريخ وقارب مسير، سفينة تجارية قبالة سواحل اليمن، بدون أن تتسبب بإصابات أو أضرار، وفق ما أفادت هيئة عمليات التجارة البحرية البريطانية “يو كا أم تي أو” الجمعة.
ولم تعلن أي جهة حتى الساعة مسؤوليتها عن الهجمات التي تتزامن مع حملة يشنها الحوثيون اليمنيون المدعومون من إيران ضد سفن يقولون إنها مرتبطة بإسرائيل وبريطانيا والولايات المتحدة.
تعليقات( 0 )