أثار مهرجان مراكش الدولي للفيلم في نسخته الـ21، حفيظة الجماهير المغربية، بعد عرضه لعملين سينمائيين يسلطان الضوء على ظاهرة “الشذوذ الجنسي”، أحدهما مغربي لمخرجه سعيد حميش، والثاني أمريكي لمخرجه غاس فان سانت.
وتضمن فيلم “ميلك” لمخرجه غاس فان سانت، وبطولة الفنان شون بين، الذي يعد واحدا من الشخصيات المكرمة في نسخة هذه السنة من المهرجان، والذي تم عرضه في نهاية الأسبوع الماضي، مشاهد حميمية جمعت بين ممثلين في العمل، حيث ظهر بطل الفيلم ورجل آخر في سرير واحد وهما يتبادلان القبل.
واستنكرت الجماهير المغربية التي كانت حاضرة في القاعة مشاهد “الشذوذ الجنسي”، ما دفع عددا كبيرا من المشاهدين إلى مغادرة قاعة العرض في قصر المؤتمرات بمدينة مراكش فور ظهور المشهد بين الرجلين، حيث انتشرت مقاطع فيديو بشكل واسع توثق للحظات خروج الجماهير من القاعة واحتجاجها على المشاهد المذكورة.
ولم يقف الأمر عند هذا الحد، بل انتقل الجدل إلى مواقع التواصل الاجتماعي، حيث قامت مجموعة من الصفحات المغربية وعدد من مستخدمي منصات التواصل الاجتماعي بمشاركة مقاطع الفيديو والصور التي توثق للواقعة، وتم إرفاقها بعدد من التعليقات التي اعتبرت عرض فيلم بمشاهد مماثلة وفي مهرجان مغربي ببعد دولي ترويج للمثلية الجنسية في المجتمع، فيما ذهب آخرون إلى اعتبار ذلك محاولة لهدم القيم المغربية التقليدية المحافظة وضرب الفطرة الطبيعية التي جبل عليها الإنسان.
ويحكي هذا العمل السينمائي، الذي يعرف مشاركة كل من شون بين، جيمس فرانكو، جوش برولين، والذي تم إنتاجه في سنة 2008، السيرة الذاتية لهارفي ميلك، وهو ناشط أمريكي يدافع عن حقوق “الشواذ”، مسلطا الضوء على رحلته لتمتيع هذه الفئة بحقوقها، حيث سيصبح أول نائب منتخب بتوجهات جنسية مغايرة، في تاريخ ولاية كاليفورنيا الأمريكية.
وكان قد ظفر هذا العمل بجائزتين عالميتين، ويتعلق الأمر بجائزة الأوسكار لأفضل ممثل، نالها الممثل شون بين في فعاليات الدورة الـ81 من هذه الفعالية الدولية، إلى جانب فوز السيناريست داستين لانس بلاك، بجائزة الأوسكار لأفضل نص أصلي.
ولم يكن هذا العمل الأمريكي وحده من خلق الجدل في المهرجان، بل نافسه في ذلك الفيلم الروائي المغربي “البحر البعيد” لمخرجه سعيد حميش، الذي عرض لأول مرة في قاعة الوزراء في قصر المؤتمرات، مساء أمس الأحد، بعد مشاهد للمثلية الجنسية بين شاب مغربي مهاجر في فرنسا، ورجل شرطة فرنسي.
ويحكي فيلم “البحر البعيد”، الذي دخل المسابقة الرسمية للمهرجان الدولي للفيلم إلى جانب ما مجموعه 14 فيلما عالميا، قصة شاب مغربي من مدينة وجدة، يدعى “نور” يقرر الهجرة بطريقة غير نظامية إلى فرنسا، ليستقر هناك في مدينة مارسيليا رفقة أصدقائه الجزائريين، وذلك في قالب درامي يعود بالمشاهد إلى فترة التسعينات، ويجر انتباهه إلى قضايا تواجه المهاجرين المغاربة في الديار الأوروبية.
وعلى الرغم من أن هذا الفيلم، الذي يجسد فيه الممثل أيوب كريطع دور البطولة، يوثق للمُشاهد العراقيل التي يمكن أن تعترض طريق المهاجرين في بناء مستقبلهم في بلد آخر، إلا أن الجانب الذي استنكره الجمهور المغربي هو المتعلق بالمشاهد الحميمية بين “نور” ورجل الشرطة الفرنسي “سيرج”، الذي يحاول استغلاله لتلبية رغباته الجنسية الشاذة.