وجّهت العصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان، بمناسبة اليوم العالمي للعمل البرلماني، رسالة مفتوحة إلى رئيسي مجلسي النواب والمستشارين، ورؤساء الفرق والمجموعات البرلمانية، نبهت فيها إلى ما وصفته بـ”تراجع مقلق لأداء المؤسسة التشريعية في مجال حماية حقوق الإنسان”.
واعتبرت العصبة أن “هذا التراجع يعود إلى عدة أسباب بنيوية وسياسية، أبرزها غلبة الحسابات الحزبية الضيقة، وغياب الاستقلالية الكاملة عن السلطة التنفيذية، وضعف التكوين الحقوقي لدى العديد من البرلمانيين، إضافة إلى غياب الإرادة السياسية الحقيقية لمنح قضايا الحقوق والحريات ما تستحقه من أولوية داخل الأجندة التشريعية والرقابية”.
وسجلت الرسالة أن “البرلمان لم يُبدِ ما يكفي من المبادرة والتصدي لما يتعرض له المدافعون والمدافعات عن حقوق الإنسان من مضايقات وتضييق، بل وتشهير ممنهج وحملات تهدف إلى إسكات أصواتهم وتشويه سمعتهم، دون أن يضطلع بدوره في الحماية والتشريع والمساءلة”.
وشددت العصبة في رسالتها على أن “البرلمان المغربي، كمؤسسة دستورية مستقلة، يُفترض أن يكون حصنًا للحقوق وحاميًا للحريات، لكنه أصبح، في نظر عدد من المتابعين، عاجزًا عن مساءلة الحكومة بجرأة، ومترددًا في فتح قنوات حقيقية للتفاعل مع قضايا المواطنين، وخصوصًا في مجالات حرية التعبير، والحق في التنظيم، والمحاكمة العادلة، وحقوق الفئات الهشة”.
وتضمنت الرسالة عدة مطالب موجهة إلى البرلمان بغرفتيه، أهمها “تعزيز الوظيفة التشريعية لحماية الحقوق والحريات، من خلال تسريع إخراج القوانين التنظيمية المتأخرة، ومراجعة قانون الجمعيات، وملاءمة القوانين الوطنية مع الاتفاقيات الدولية، خاصة فيما يتعلق بتجريم التعبير والمعاقبة عليه بعقوبات سالبة للحرية”.
ودعت العصبة الحقوقية إلى “تفعيل الدور الرقابي للمؤسسة التشريعية، عبر تخصيص جلسات مساءلة منتظمة للسياسات الحكومية المرتبطة بحقوق الإنسان، ومتابعة قضايا التمييز والاعتقال التعسفي، وحرمان الجمعيات من الوصل القانوني، كما طالبت بدعم الهيئات المستقلة، والتصدي لحملات التشكيك التي تتعرض لها من داخل الحكومة”.
ومن بين المقترحات كذلك التي حملتها الرسالة المفتوحة، “دعوة المنظمة الحقوقية إلى مأسسة العلاقة بين البرلمان والمجتمع المدني، من خلال إنشاء آليات استشارية دائمة، وتنظيم لقاءات مشتركة، والتفكير في تخصيص كرسي حقوقي للجمعيات داخل البرلمان”.
وعلى المستوى الدولي، طالبت العصبة البرلمان بـ”رفع صوته دفاعًا عن القضايا الحقوقية العادلة، خاصة في فلسطين، والترافع من داخل المنظمات البرلمانية الدولية دفاعًا عن الشعوب المضطهدة، وحرية المدافعين والمدافعات عن حقوق الإنسان، بمن فيهم البرلمانيون أنفسهم الذين لا يسلم بعضهم من التهديد والتشهير”.
وختمت العصبة رسالتها بالتأكيد على استعدادها الكامل للتعاون مع المؤسسة التشريعية، وتقديم مذكرة مفصلة تتضمن تقييمها وملاحظاتها حول أداء البرلمان في مجال مناصرة الحقوق والحريات، معتبرة أن “البرلمان لا يُقاس بعدد القوانين، بل بجرأته على الدفاع عن الحقوق ومساءلة الحكومة، وقدرته على إعادة الثقة إلى العمل السياسي”.