في تفاعل مع التعليمات الملكية الصادرة خلال المجلس الوزاري الأخير بشأن إعداد وتنزيل برنامج استعجالي لإعادة بناء وتنمية قطاع الماشية، دعا الوزير السابق والقيادي السياسي عزيز رباح إلى مراجعة عميقة وشاملة للسياسة الفلاحية بالمغرب، معتبرا أن اللحظة مواتية لإعادة الاعتبار للفلاحة الصغيرة والمتوسطة، التي تشكل “صمام أمان” واستقرار للعالم القروي، ولا سيما الطبقة الصغيرة والمتوسطة فيه.
واستحضر رباح في مقال له تحت عنوان “مغرب الحضارة: حتى لا تضيع الطبقة الصغيرة والمتوسطة في العالم القروي”، اطلعت عليه صحيفة “سفيركم” الإلكترونية، (استحضر) مضامين التقرير الذي قدمه رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي عبد القادر أعمارة حول الفلاحة الاجتماعية والمعيشية، والذي كشف مجموعة من التحديات الهيكلية التي تعاني منها هذه الفئة، رغم كونها تمثل 70% من الاستغلاليات الفلاحية وتشغل نصف اليد العاملة في القطاع.
وأكد رباح، بناء على التقرير، أن هذا النمط الفلاحي ظل على الهامش مقارنة بالمشاريع الكبرى، ولم يحظَ بما يستحقه من دعم وتمويل، إذ لم تتجاوز الاستثمارات الموجهة إليه 14.5 مليار درهم، مقابل 99 مليار دُعّمت بها الفلاحة ذات القيمة العالية.
كما أشار إلى ضعف الإرشاد والتأطير، وغياب التنظيمات التي تمثل الفلاحين، فضلا عن هشاشة الوضع في ظل التغيرات المناخية، واحتكار الوسطاء للأسواق.
وانطلاقا من تشخيص دقيق للوضع، شدد رباح على ضرورة جعل الفلاحة العائلية الصغيرة والمتوسطة أولوية في السياسات العمومية، من خلال خطة وطنية تأخذ في الاعتبار الخصوصيات المجالية، وتعزز إدماج هذا النمط في سلاسل القيمة الفلاحية، وتحفز الممارسات المستدامة مثل ترشيد الري، وتطوير الزراعات المقاومة للمناخ، ومواكبة الفلاحين بالتكوين والدعم المالي، وتوفير البنية التحتية والخدمات الأساسية بالعالم القروي.
كما أكد على استعجالية إعادة تنظيم سلاسل التسويق وتقنين دور الوسطاء، وتقوية التكتلات الفلاحية كالتعاونيات، وتطوير وحدات صناعية محلية لتثمين المنتجات الفلاحية، مشيرا إلى أهمية إدماج أنشطة غير فلاحية لتحسين الدخل وتنويع مصادر العيش.
ودعا رباح في ختام إلى إنشاء مرصد وطني للفلاحة والتنمية القروية، يتابع مؤشرات الأمن الغذائي، واستقرار الساكنة، ومردودية الأراضي، وترشيد الموارد، معتبرا أن الالتزام الصادق بالتوجيهات الملكية، إلى جانب حكامة جيدة، كفيل بتصحيح المسار وتعزيز مناعة العالم القروي.
وأضاف: “لقد تحقق الكثير، لكن لم نحقق بعد ما التزمنا به. والفرصة اليوم قائمة، إذا توفر الوعي والصدق والعزم، من أجل حماية ما تبقى من الطبقة المتوسطة في القرى، لأنها هي الضامن للأسرة والاستقرار والاستمرار”.