اعترف الرئيس الجزائري، عبد المجيد تبون، بطريقة غير مباشرة، بإخفاقات سياساته في عدد من القضايا، سواء في ولايته الأولى، أو مع بداية ولايته الثانية، ولا سيما فيما يتعلق بالعلاقات الخارجية، مع دولة مثل فرنسا، أو مع تكتلات اقتصادية مثل الـ”BRICS”.
تصريحات تبون بشأن هذه القضايا جاءت خلال حواره الدوري الأخير الذي أذيع على القناة الجزائرية الرسمية، حيث أكد بشكل رسمي، أنه لن يقوم بالزيارة التي كانت مرتقبة إلى فرنسا، وذلك بعد تفاقم الأزمة في العلاقات السياسية مع باريس، على خلفية إعلان الأخيرة دعمها للمغرب في قضية الصحراء.
واعتبر العديد من المهتمين بالعلاقات الفرنسية-الجزائرية، أن فشل تنظيم هذه الزيارة، وتوجه فرنسا بالمقابل إلى دعم المغرب في قضية الصحراء، هو إخفاق واضح للجزائر خلال عهد تبون، وخسارة سياسية كبيرة للجزائر مع دولة ترتبط معها بعلاقات شراكة كبيرة، بالرغم من الماضي الاستعماري وما تشوبه من خلافات “الذاكرة”.
ومن القضايا المهمة الأخرى التي تناولها تبون في حواره، هي قضية الانضمام إلى تكتل “بريكس” الاقتصادي، الذي يضم كل من البرازيل وروسيا والصين والهند وجنوب إفريقيا، حيث أعلن بشكل رسمي، أن الجزائر لن تنضم لهذا التكتل، وهو الإعلان الذي يأتي بعد الصدمة الكبيرة التي كانت قد تلقتها الجزائر عندما رُفض طلبها العام الماضي.
وحاول تبون أن يُبرر ذلك الإخفاق بالتلميح إلى وجود “مؤامرة” حاكتها أطراف أخرى لمنع الجزائر من الانضمام إلى هذا التكتل الدولي، حيث لم ينف أو يؤكد ذلك بعدما طرح عليه أحد الصحفيين سؤالا بهذا الخصوص، واكتفى بالقول بأن الذين حاولوا منع الجزائر لم ينجحوا في مساعيهم، وأن عدم انضمام الجزائر إلى “البريكس” ربما فيه خير لبلاده.
ووفق المهتمين بالشؤون الجزائرية، فإن تبريرات تبون بشأن “البريكس” تخفي حقيقة واضحة، وهي أن الجزائر أخفقت في إقناع المجموعة بملفها، وبالتالي لم يبق أمامها سوى إعلان عدم انضمامها.
هذا ولجأ تبون مرة أخرى إلى الحديث عن المغرب، كعادته في أغلب الحوارات، حيث أصبح هذا الأمر بمثابة أسطوانة مكررة، وكان موضوع مشروع أنبوب الغاز بين الجزائر ونيجريا هو المدخل لمهاجمة المملكة المغربية، حيث اعتبر أن المشروع المغربي المماثل، الذي سيربط بين نيجيريا والمغرب “مشروعا زائفا” ولا يمكن تحقيقه، على عكس مشروع الجزائر مع نيجيريا مرورا بالنيجر.
وحاول تبون أن يشير إلى قرب إتمام المشروع مع نيجريا، لإعطاء الانطباع على “جدية” المشروع الجزائري – النيجيري، في حين لم يناقش التهديدات التي تحيط بهذا المشروع، خاصة في ظل الاضطرابات الكثيرة التي تعرفها دولة النيجر، والمشاكل الحدودية للجزائر مع دول أخرى في منطقة الساحل.
حوار تبون، أكد مرة أخرى، أن العلاقات المغربية الجزائرية، لن تعرف أي “اختراق دبلوماسي” إيجابي يُمكن أن يخفف من حدة الأزمة الثنائية، في ظل استمرار نفس النبرة السياسية للنظام الجزائري العسكري، التي يُعبر عنها عبد المجيد تبون في تصريحاته، والتي تعود إلى فترة “الحرب الباردة” وفق الأوصاف التي يُطلقها عليها ممثل المغرب الدائم لدى الأمم المتحدة، عمر هلال.
تعليقات( 0 )