كشفت دراسة حديثة أن مجموعة من الباحثين من ولاية أوهايو الأمريكية، قاموا بتطوير شكل جديد من الذكاء الاصطناعي قادر على التنبؤ بمستويات القلق لدى الأفراد، من خلال تقييم الصور ومجموعة صغيرة من المتغيرات السياقية.
وجاء في هذه الدراسة التي أجرتها جامعة سينسينات، والتي نشرت نتائجها في موقع “Medical Express“، أن اضطرابات القلق تعد مشكلة رئيسية تؤثر على نسبة 12% من سكان الولايات المتحدة، ويرافق هذا الاضطراب شعور بالخوف المستمر والقلق في غياب تهديد محدد، مما يؤثر على الصحة العقلية والجسدية، والعلاقات، والحياة المهنية، وجودة الحياة بشكل عام.
صرحت سمرى باري، الباحثة الرئيسية والزميلة البحثية في كلية الهندسة والعلوم التطبيقية بجامعة سينسيناتي، قائلة: “أعتقد أن القلق هو تجربة يمر بها الجميع بدرجات مختلفة وفي مراحل مختلفة من الحياة، وهو مسألة يمكن للعديد من الناس أن يتفهموه”.
وأضافت باري: “استخدمنا موارد حسابية محدودة ومجموعة صغيرة من المتغيرات للتنبؤ بمستويات القلق. سمينا هذا النهج ‘Comp Cog AI’ لأنه يدمج الإدراك الحاسوبي مع الذكاء الاصطناعي”.
وتعتمد هذه التقنية الجديدة على مهمة تصنيف قصيرة حيث يقوم الأفراد بتقييم الصور بشكل إيجابي أو سلبي ويجيبون على مجموعة محدودة من الأسئلة مثل العمر والشعور بالوحدة، عوض الاعتماد على كم هائل من البيانات الاجتماعية والطبية والنفسية واستخدام الحواسيب ذات الاستهلاك الكبير للطاقة.
أوضح هانس بريتر، أستاذ علوم الكمبيوتر والهندسة الطبية الحيوية في جامعة سينسيناتي والمشارك في الدراسة، قائلاً: “هناك تركيز كبير على استخدام البيانات الضخمة للتنبؤ، لكن التحدي يكمن في كيفية تفسير هذه التنبؤات. إن استخدام عدد قليل من المتغيرات المستندة إلى علم النفس الرياضي من شأنه أن يتغلب على هذه المشكلة، وهو ضروري إذا كانت تقنيات التعلم الآلي الحالية ستقترب من معالجة مسألة الذكاء الاصطناعي العام”.
وشارك في هذه الدراسة ما مجموعه 3476 شخصا، تمت مطابقة بياناتهم الديمغرافية مع بيانات مكتب الإحصاء الأمريكي، وقاموا بملئ استبيان على أجهزتهم الرقمية الشخصية، شمل أسئلة حول الخصائص الديموغرافية ومدى شعورهم بالوحدة. وقام المشاركون أيضا بتقييم مدى إعجابهم أو كرههم لـ 48 صورة ذات موضوعات عاطفية بسيطة، فتم استخدام هذه البيانات مع خوارزميات التعلم الآلي للتنبؤ بمستويات القلق الحالية.
وأثبتت هذه التكنولوجيا الجديدة قدرتها على التنبؤ بمستوى القلق بنسبة دقة تصل إلى 81%، وسجلت أداءً عاليًا في مقاييس الحساسية والنوعية، مما يشير إلى مدى فعالية النموذج في تصنيف الأشخاص الذين يعانون من مستويات عالية من القلق والذين لا يعانون منه.
وأشار الباحثون المشرفون على هذه الدراسة إلى أن البيانات تم جمعها بشكل مجهول من السكان الأمريكيين خلال جائحة كورونا، بعد انتشار تقارير حول ارتفاع معدلات الشعور بالوحدة والقلق.
وذكرت باري أن “مهمة تقييم الصور يمكن استخدامها لتوفير لقطات يومية وغير متحيزة لحالة الصحة العقلية للفرد دون الحاجة إلى طرح أسئلة مباشرة قد تثير مشاعر سلبية أو مزعجة”، مضيفة أن الأسئلة المباشرة حول القلق قد تصبح أقل فعالية بمرور الوقت، حيث يميل المستوجبون إلى تكرار الإجابات نفسها.
وخلصت الدراسة إلى الإشارة إلى أن هذه التقنية الجديدة تعد نموذجا أوليا يمكن تطويره ليصبح تطبيقا يمكن للأطباء والعاملين في المستشفيات أو العسكريين استخدامه لتحديد الأشخاص الذين يعانون من حالات متقدمة من اضطراب القلق.
تعليقات( 0 )