دعت صحيفة بريطانية، في تقرير حديث نشرته يوم أمس الجمعة، الحكومة البريطانية الجديدة إلى الانضمام إلى ركب الدول الأوروبية التي دعمت مقترح الحكم الذاتي كحل واقعي للنزاع المفتعل حول الصحراء المغربية.
وجاء في هذا التقرير الذي نشرته صحيفة “European Reporter“، والذي كتبه مراسلها في الشؤون السياسية، كولين ستيفنز، أن اعتراف بريطانيا بالسيادة المغربية على الصحراء، سيكون خطوة مهمة نحو الاستقرار في المنطقة، مشيرا إلى أن الحكومة البريطانية الجديدة بقيادة حزب العمال، والتي تم انتخابها في الرابع من يوليوز 2024 بفوز ساحق، تعهدت بإجراء تغييرات كبيرة في السياسة البريطانية، وخاصة في ما يتعلق بالسياسة الخارجية.
وواصل التقرير بأن رئيس الوزراء كير ستارمر ووزير الخارجية ديفيد لامي أعربا عن رغبتهما في التراجع عن سياسة “بريطانيا العالمية” التي تبناها حزب المحافظين سابقا، والتي وُصفت بأنها تفتقر إلى القيادة العالمية المسؤولة.
وعلى مدى العامين الماضيين، استأثر ملف الصحراء المغربية، الذي دام لأكثر من 50 عاما، باهتمام كبير من قبل مجموعة من الدول الأوروبية، حيث رجحت الصحيفة أن تكون هذه القضية من بين أولويات الحكومة البريطانية في ولايتها الجديدة.
وذكرت الصحيفة أنه في ماي الماضي، أعيد طرح موضوع الاعتراف بمغربية الصحراء في مجلس العموم البريطاني (البرلمان)، وذلك بعد سنوات من الصمت، حيث تبادل حوالي عشرة برلمانيين الآراء حول الموقف الرسمي لبريطانيا، الذي اقتصر حتى الآن على دعم المبادئ والإجراءات التي تتبناها الأمم المتحدة، وفي أعقاب هذا النقاش، وقع ما مجموعه 30 نائبا وعضوا في مجلس اللوردات على عريضة عبروا فيها عن دعمهم لخطة الحكم الذاتي المغربية.
وعلى الرغم من أن الانتخابات الأخيرة قد غيرت تركيبة مجلس العموم، إلا أن أهداف السياسة الخارجية لحزب العمال تشير إلى أسباب مهمة تدفع قضية الصحراء المغربية إلى مركز الاهتمام السياسي.
وأكدت الصحيفة أن رئيس الوزراء الجديد يطمح إلى تغيير نظرة المجتمع الدولي لبريطانيا، باعتبارها فاعلا نشيطا مستعدا ليس فقط للتعاون مع شركائه، بل أيضا لقيادة التغيير، مشيرة إلى أن توجه الحكومة الحالية لا يقتصر فقط على كيفية إدارة السياسة الخارجية، بل يشمل أيضا الجغرافيا السياسية التي تتعامل معها بريطانيا.
ويضيف تقرير الصحيفة أنه “من المتوقع أن يركز حزب العمال جهوده على المنطقة الأوروبية بدلا من آسيا، من خلال التعاون مع الاتحاد الأوروبي والدول الكبرى مثل ألمانيا وفرنسا، وتشير بعض السياسات التي سيتبناها الحزب إلى أن القضايا المتعلقة بالحروب والصراعات والهجرة وتغير المناخ ستتصدر أولويات الحكومة الجديدة، ومن هنا، يبدو أن قضية الصحراء المغربية ستكون جزءا من هذه الاهتمامات، حيث ترتبط بالعديد من هذه القضايا، بما في ذلك الأمن والهجرة وتطوير الطاقة الخضراء”.
وأوضحت الصحيفة أن العديد من الدول الأوروبية، مثل إسبانيا وألمانيا وحتى فرنسا، قد أعلنت دعمها لخطة الحكم الذاتي المغربية، ويعزى ذلك إلى إدراكها أن هذا المقترح يمثل حلا عمليا للنزاع، مستندة إلى التحليل الصادر عن “منتدى كامبريدج للشرق الأوسط وشمال إفريقيا“، الذي أكد أن تعزيز الأمن الإقليمي والحد من الهجرة إلى أوروبا لا يمكن أن يتحقق إلا من خلال التعاون مع المغرب في ملف الصحراء.
ولفت التقرير إلى أن المغرب يمتلك إمكانيات كبيرة في مجال الطاقة الخضراء، وهي مجالات استفادت منها ألمانيا، ما يعكس أهمية المشاركة البريطانية في هذا الملف، ولا سيما في ظل تزايد الاهتمام بأهداف التنمية المستدامة والتغير المناخي.
واستطردت الصحيفة الأوروبية أنه في ظل استمرار الحرب الروسية على أوكرانيا، تجد الحكومات الأوروبية نفسها أمام تحديات غير مسبوقة في مواجهة التوسع الروسي في شرق أوروبا ومناطق أخرى مثل الساحل وشمال إفريقيا. وفي هذا السياق، من المتوقع أن تحتل قضية الصحراء مكانة أكبر في السياسة البريطانية، ومع تعهد حزب العمال بمواصلة دعم أوكرانيا، فمن المرجح أن تصبح قضية الصحراء المغربية جزءا من المناقشات الاستراتيجية للحكومة البريطانية.
وخلص التقرير إلى الإشارة إلى أن قضية الصحراء المغربية يجب أن تكون من الملفات الرئيسية وذات الأولوية بالنسبة للسياسة الخارجية للحكومة البريطانية الجديدة، لأنها توفر فرصة ثمينة لبريطانيا من أجل إثبات التزامها بحل النزاعات وتعزيز التعاون مع الشركاء الأوروبيين في مواجهة التحديات العالمية مثل الأمن والهجرة.
تعليقات( 0 )