مع حلول فصل الصيف، يزداد إقبال المغاربة على السفر وارتياد المناطق السياحية، خاصة منها ذات الواجهات البحرية، التي تستقطب عشرات الآلاف أو الملايين من الزوار المغاربة كل صيف، الباحثين عن أجواء صيفية لطيفة بعيدا عن ضغوط العمل وحرارة المدن الداخلية للمملكة.
وتشهد المدن الساحلية إقبالا كبيرا على الشواطئ والمنشآت السياحية، من فنادق وإقامات ومطاعم ومناطق الترفيه. غير أن الملاحظ هو أن أثمان خدمات هذه المرافق، وخاصة الإقامات الفندقية والسياحية والمطاعم، تشهد ارتفاعا صاروخيا، يجعلها بعيدة عن متناول الأسر المغربية، مما يحد من تطور قطاع السياحة الداخلية.
وفي هذا السياق، قال عبد المالك بنار، رئيس الائتلاف الوطني لجمعيات حماية المستهلكين بالمغرب، إن “السياحة الداخلية عرفت، بعد جائحة كورونا، ارتفاعا صاروخيا في الأسعار، وصل في بعض الحالات إلى 60% أو 70%، سواء في ما يتعلق بالإقامات الفندقية أو النقل أو الأنشطة الترفيهية، لكن أيضًا بسبب غياب آليات تنظيم ومراقبة تضمن توازنا في السوق”.
وأضاف بنار في تصريح لموقع “سفيركم”، “إن المواطن المغربي يواجه أحيانا أسعارا غير مبررة، مقابل جودة خدمات لا توازي القيمة الحقيقية للخدمة. فبعض المطاعم، خاصة في مدن سياحية كأكادير، تطلب أثمانا خيالية دون أن توفر خدمة تضاهي تلك الأثمان، ما يجعل الزبون يشعر بالغبن ويدفعه إلى العزوف عن التكرار أو التوصية بالتجربة”.
وتطرق المتحدث إلى “ظاهرة التمييز بين السائح المغربي والأجنبي، سواء من حيث جودة الخدمة أو طريقة المعاملة، مما يشعر المواطن بالإقصاء في بلده.” كما انتقد “غياب ثقافة سياحية مجتمعية لدى عدد من الأسر المغربية، التي ترى في السياحة ترفًا لا ضرورة له، بدل أن تعتبرها جزءًا من أسلوب حياة عصري ومنفتح”.
وحذر الناشط في مجال حماية المستهلك “من انتشار الوسطاء غير المنظمين على مواقع التواصل الاجتماعي، والمرشدين غير المرخصين، وسماسرة الرحلات الجماعية، ما يخلق فوضى ويضعف جودة التجربة السياحية.” وتحدث أيضًا عن “منافسة غير مشروعة تقوم بها بعض الفيلات والدور السياحية غير المهيكلة، دون احترام للضوابط القانونية”.
وانتقد رئيس الائتلاف الوطني لجمعيات حماية المستهلكين بالمغرب “غياب استراتيجية تسويقية حقيقية موجهة للسياحة الداخلية”، مؤكدا أن ما يتم الترويج له من حملات أو شراكات يبقى سطحيا وغير مؤثر. وأشار إلى أن هذا الغياب يساهم في تشتيت العرض السياحي، ويدفع المواطن إلى البحث عن بدائل خارجية، أو ببساطة الاستغناء عن السياحة تمامًا.
وفي المقابل، قال بنار إن “مداخيل السياحة في المغرب سجلت أرقاما قياسية سنة 2023، حيث بلغت حوالي 94 مليار درهم، بينما سجلت المؤسسات الفندقية أربعة ملايين ليلة مبيت.” وأوضح أن هذه الأرقام تعكس الدينامية العامة للقطاع، لكنها لا تعني بالضرورة تحسنًا في تجربة السائح المغربي أو في السياحة الداخلية.
وزاد بنار موضحًا أن “السياحة تُشكّل إحدى الركائز الأساسية للاقتصاد الوطني، لكنها ترتبط بشكل مباشر بظاهرة ارتفاع الأسعار، الأمر الذي جعل من ولوج السائح المغربي إلى هذا المجال أمرًا بالغ الصعوبة. فالمواطن يعيش ضغطًا كبيرًا بسبب التكاليف الباهظة، وهو ما يؤثر سلبا على إقبال المغاربة على العروض السياحية داخل الوطن”.
وختم عبد المالك بنار بالتأكيد على “ضرورة تشجيع السياحة الداخلية دون الإضرار بمبدأ حرية المنافسة والسوق”، داعيا إلى تعزيز الرقابة على القطاع دون أن تتحول إلى تدخل يكسر المنافسة، وإلى تحسين جودة الخدمات وضبط الأسعار، مع تقديم عروض مغرية ومناسبة للمواطنين، لإعادة الثقة إلى هذا القطاع الحيوي”.

