سلط وزير الداخلية عبد الوافي لفتيت، الأضواء بشكل لافت، على ملف “النقل الحضري” بالمدن، متحدثا عن إكراهات النقل والإجراءات اللازمة لحلها.
ووصف لفتيت، الثلاثاء الماضي، الحافلات العمومية في بعض الحواضر بـ”المهترئة” وبأن طريقة عملها “ليست كما يجب”، قائلا، :”لدينا إشكالية كبيرة مرتبطة بالنقل عبر الحافلات داخل المدن”.
وتابع في كلمة له أمام مجلس المستشارين، تفاعلا مع سؤال شفهي حول “تدبير النقل الحضري داخل المدن واستيعاب الأشكال الجديدة منه” قدمه الفريق الاستقلالي للوحدة والتعادلية، بأنه “تقرر الفصل التام بين الاستثمار والتسييير”.
وأبرز أن الدولة ستتكلف بالاستثمار عبر شراء الحافلات من المستوى العالي، وستمنح التسيير لشركات يمكن تغييرها إذا لم تستطع إنجاح التسيير، وِفق تعبيره.
وأكد أن وزارته بدأت في تنزيل هذا القرار بفاس مراكش طنجة تطوان أكادير وبنسليمان، موردا أنه تم إخراج طلبات العروض خرجت وسيتم فتح الأظرفة فيما في الـ15 من مارس، بهدف شراء 1317 حافلة.
وقال مضيفا، “سنحاول ما أمكن أن يتم تصنيع العدد الأكبر منها بالمغرب لخلق فرص عمل في القطاع”.
وجاء تسليط لفتيت الضوء على موضوع “النقل الحضري” بالبرلمان، في وقت تسبب فيه الموضوع، في إحالة النائبة البرلمانية اللامنتمية “ريم شباط” على لجنة الأخلاقيات من طرف رئيس مجلس النواب.
واعتبر رئيس الغرفة الأولى للبرلمان، رشيد الطالبي العلمي، الإثنين، خلال جلسة للمساءلة الشهرية لرئيس الحكومة، أن النقل الحضري لا يدخل في اختصاصات الحكومة والبرلمان وإنما لدى الجماعات الترابية.
وحكم العلمي من على منصته بحدوث “خرق دستوري” وقعت فيه شباط، كون الحديث في أشياء لا تدخل في اختصاصات الجلسة التشريعية هو “تعدٍّ على اختصاصات المؤسسات الأخرى التي ضمن لها الدستور الاستقلالية”، على حد قوله.
وارتباطا بهذا الإجراء، رأى أستاذ القانون الإداري ورئيس مركز الدراسات والأبحاث حول الادارة العمومية، المصطفى قريشي، “أن قرار الإحالة للجنة الأخلاقيات غير مبني على أساس قانوني متين”.
وتابع في تصريح خاص لمنبر “سفيركم”، أنه “من الصعوبة بمكان الفصل الدقيق بين الاختصاصات الحكومية والجماعات الترابية، فيما يتعلق بالرقابة السياسية البرلمانية على العمل الحكومي والذي تشكل السياسات العمومية المحلية جزء منه خاصة في شقها المتعلق بالتمويل وكذا الرقابة الإدارية التي تمارسها وزارة الداخلية على الجماعات الترابية مما يجعلها ضمن اختصاصات العمل الحكومي”.
وأبرز أن قرار الإحالة فيه “تجاوز لعدد من المساطر الواردة بالنظام الداخلي لمجلس النواب خاصة المادة 396 من النظام الداخلي لمجلس النواب”.
وأوضح قريشي، أن الفصلين اللذين استند عليهما رئيس مجلس النواب يتحدثان بشكل عام عن الجماعات الترابية، باعتبارهما أشخاصا معنويين ولها موارد مالية دون حديث عن الاختصاصات الموكولة لها، لذا “فالاستناد للفصلين المذكورين غير صائب على اعتبار أنه لا يحدد الاختصاصات ويعددها”، وِفق المتحدث ذاته.
ونبَّه المتحدث ذاته في تصريحه لمنبر “سفيركم” أن هناك ترابط وتلازم بين السياسات العامة التي تنهجها الحكومة ومختلف السياسات العمومية المحلية وبالتالي مساءلة الحكومة عن اختلالات التدبير المحلي يدخل ضمن الصلاحيات الممنوحة للحكومة وخاصة وزارة الداخلية في مجال الرقابة والتوجيه الذي تمارسه على الجماعات الترابية.
واعتبر الخبير أن إشكاليات التدبير المحلي دفعت وزير الداخلية لإثارة موضوع النقل الحضري بعدد من الجماعات، وعزم الوزارة التي تشكل جزءا من الحكومة، على التدخل لمحاولة معالجة هذه الوضعية في إطار سلطة الرقابة، مما يساءل مدى صوابية إجراء إحالة حالة شباط، بل يثير إشكالية التوظيف السياسي لسلطة رئيس المجلس في ضبط تدخلات البرلمانيين، يضيف قريشي.
وتعليقا على التقارير التي قالت إن أمر الإحالة للجنة الأخلاقيات ارتبط برفع شباط لافتة بها صور أو التلفظ بعبارات “غير لائقة” في حق رئيس الحكومة، ذكَّر “قريشي” أن رئيس مجلس النواب حدد بشكل دقيق سبب الإحالة والمرتبط بخرق المقتضيات الدستورية المتعلق بتحديد الاختصاصات بين الحكومة والجماعات الترابية، وهو “سعي لضبط تدخلات نواب الأمة ضمن جلسات المساءلة في إطار الاختصاصات الموكولة للحكومة”، على حد قول المتحدث.
ومن جهة أخرى، أشار إلى أن رئيس مجلس النواب “لم يحترم تراتبية الإجراءات التأديبية المقررة في المادة 396 من مدونة الأخلاقيات الواردة في النظام الداخلي لمجلس النواب”.
وأكد أن المادة تحيل إلى التذكير بالنظام أولا، ثم التنبيه، ثم التنبيه مع الإبعاد المؤقت، قبل اتخاذ إجراء الإحالة على لجنة الأخلاقيات.
واعتبر الأستاذ الجامعي أن مسألة الإحالة مباشرة للجنة الأخلاقيات “تدخل ضمن التدافع السياسي ومحاولة ضبط أكثر عدد من النواب الذين يشكلون إزعاجا سياسيا للعمل الحكومي وقد يتم استغلال هذه الإجراءات لتضييق هامش المناقشة السياسية داخل البرلمان مما قد ينعكس سلبا على جودة النقاش العمومي”.