شهدت الأسواق الإسبانية في السنوات الأخيرة، إقبالا كبيرا على الطماطم المغربية، التي تشكل عنصرا لا محيد عنه في المطبخ الإسباني، لا سيما مع ارتفاع واردات إسبانيا منها، الأمر الذي يطرح تساؤلات حول سر هذا الإقبال الذي تعكسه مجموعة من العوامل الاقتصادية والجغرافية والزراعية التي جعلت من الطماطم المغربية خيارا مفضلاً للمستهلكين والموزعين الإسبان.
واردات مرتفعة
كشفت بيانات واردة في تقرير نشره موقع “هارتو انفو” أن المغرب أصبح في الأشهر الثلاثة الأولى من سنة 2024 الجارية، البلد الأكثر تصديرا للطماطم إلى إسبانيا بحصة إجمالية بلغت 84,99 في المائة، بزيادة تبلغ 137 في المائة، بالمقارنة مع نفس الفترة من سنة 2015، التي سجلت 10,18 في المائة.
وأشار الموقع إلى ارتفاع كمية الطماطم التي باعها المغرب إلى إسبانيا، والتي انتقلت من مليون كيلوغرام في الربع الأول من سنة 2015، إلى 24.12 مليون كيلوغرام خلال نفس الفترة من سنة 2024.
وذكر المصدر ذاته أن القيمة التي جناها المغرب من تصدير الطماطم إلى إسبانيا ارتفعت من 9,09 مليون أورو خلال الأشهر الثلاثة الأولى من سنة 2015، بمتوسط سعر 0,89 أورو للكيلو الواحد، إلى 33,49 مليون أورو في الربع الأول من سنة 2024، بمتوسط سعر 1.39 أورو للكيلو.
ما سر هذا الإقبال؟
مما لا شك فيه أن إقبال الإسبان على الطماطم المغربية ليس بمحض الصدفة، بل هو نتاج لمجموعة من العوامل المجتمعة، التي تشكل فيها الجودة العالية، عاملا حاسما، إذ أن الطماطم المغربية مشهورة بنكهتها المميزة، ولونها الأحمر الزاهي، بسبب نموها في مناخ متوسطي، بتربة غنية، وتحت أشعة شمس دافئة، حسب ما تؤكده العديد من الدراسات.
كما تتميز الطماطم المغربية بأسعارها التنافسية، حيث يعود الفضل في ذلك إلى انخفاض تكلفة الإنتاج في المغرب مقارنة بالدول الأوروبية الأخرى، حيث أن هذا الفارق في الأسعار يسمح للمستهلك الإسباني بالحصول على منتج عالي الجودة بسعر مناسب، كما أن للقرب الجغرافي بين البلدين دور رئيسي في تعزيز المبادلات التجارية بينهما، فالمسافة القصيرة بين المغرب و إسبانيا تسهل عملية النقل والشحن، مما يخفض من تكاليف النقل ويسرع وصول الطماطم طرية إلى الأسواق الإسبانية .
ويعتبر المغرب من بين البلدان الأكثر احتراما لمعايير الجودة والسلامة الصحية المفروضة من قبل الاتحاد الأوروبي، حيث يحرص الفلاحون المغاربة على تتبع إرشادات صارمة خلال عمليات الإنتاج والتعبئة، ما يضمن مطابقة المنتجات للمعايير المطلوبة في الأسواق الأوروبية، وهو الأمر الذي تعكسه بيانات صادرات المغرب من المنتجات الغذائية والحيوانية إلى الاتحاد الأوروبي، التي وصلت إلى ما يزيد عن نصف مليار يورو، مسجلة زيادة بـ 400 مليون يورو في الربع الأول من السنة الماضية.
ويفسر هذا الإقبال الكبير على المنتجات الفلاحية المغربية في الاتحاد الأوروبي ولا سيما الطماطم المغربية في إسبانيا، بتوجه المغرب نحو الاعتماد بشكل أكبر على الحلول التكنولوجية الحديثة في قطاع الفلاحة، ما ينعكس إيجابا على الإنتاجية والجودة، ويساعد على مواجهة التحديات الناتجة عن التغير المناخي، إلى جانب خضوع المبادلات الفلاحية بين المغرب والاتحاد الأوروبي لمقتضيات الاتفاق الفلاحي الذي دخل حيز التنفيذ في فاتح أكتوبر 2012، والذي بموجبه تستفيد الصادرات المغربية من بعض الامتيازات التعريفية.
تعليقات( 0 )