عاشت العاصمة الفرنسية باريس، يوم أمس السبت 14 دجنبر الجاري، على وقع احتجاجات ومظاهرات شارك فيها عدد من المهاجرين النظاميين وغير النظاميين، إلى جانب مجموعة من النقابات والجمعيات الحقوقية، تعبيرا عن رفضهم لسياسات الهجرة المشددة التي وصفوها بـ”القمعية”، مطالبين الحكومة بتسوية أوضاع المهاجرين القانونية وتحسين ظروفهم المعيشية.
وأوضحت تقارير إعلامية فرنسية أن هذه المظاهرات قد انطلقت في البداية من ساحة كليشي وجابت شوارع المدينة باتجاه ساحة الجمهورية، مبرزة أن المشاركين رفعوا شعارات تقول “بطاقة إقامة دائمة للعمال المهاجرين” و”لا مستقبل بدون هجرة” و”كفى لقرارات الترحيل”، مضيفة أن المسيرة قد تقدمها مجموعة من المهاجرين القاصرين، الذين يعتصمون حاليا في مركز ثقافي بباريس لمطالبة البلدية بتوفير مساكن لهم.
وواصلت المصادر ذاتها أن العمال غير النظاميين، الذين يشتغلون في فرنسا بشكل غير قانوني، قد انضموا بدورهم لهذه الاحتجاجات، وذلك تحت رايات النقابة الوطنية للعمال (CGT)، موضحة أن بعض المحتجين قد اختاروا أيضا المشاركة في هذا الشكل الاحتجاجي بأعلام فلسطينية، تعبر عن تضامن المهاجرين الفرنسيين مع القضية الفلسطينية.
وكانت المظاهرة قد حظيت بدعم أزيد من عشرين منظمة حقوقية، منها رابطة حقوق الإنسان، ومنظمة العفو الدولية، وأوكسفام، إلى جانب جمعيات مثل “أطباء العالم” و”سوس راسيزم”، التي أكدت في بيان مشترك بعنوان “وُلدنا هنا أو جئنا من هناك”، على ضرورة تحقيق المساواة بين جميع الأفراد، بغض النظر عن وضعهم القانوني.
وتأتي هذه الاحتجاجات تفاعلا مع التعديلات التي كان قد وضعها وزير الداخلية السابق، برونو ريتايو، الهادفة إلى تقليص إجراءات تسوية الأوضاع القانونية، بما في ذلك تعديل تعميم “مانويل فالس”، الذي سمح منذ عام 2012 بتسوية أوضاع حوالي 30 ألف مهاجر بشكل سنوي.
واستنكر المشاركون في هذه الاحتجاجات استمرار العديد من الإدارات المحلية في تطبيق سياسات ريتايو الصارمة، وذلك على الرغم من استقالة الحكومة التي كان فيها، وفي وقت يترقب فيه الجميع تعيين رئيس وزراء جديد.
ولفت موقع “RFI” الإلكتروني، إلى أن شهادات المحتجين تعكس واقع المهاجرين الصعب، حيث قالت كريستيان، التي تعمل في فرنسا لمدة ثلاث سنوات دون وثائق قانونية: “الحياة بدون أوراق قانونية تعني العمل في ظروف صعبة للغاية، حيث يواجه العديد منا الاستغلال من أصحاب العمل”.
ومن جانبه، أوضح مامادو، الذي سبق له العيش والعمل بدون وثائق قانونية: “العامل الذي لا يتوفر على وضع قانوني، يضطر لقبول شروط عمل لا يقبلها الآخرون، بما في ذلك العمل خلال العطلات والأعياد، والاعتراض عن ذلك يعني بكل بساطة فقدان العمل”.
وذكر المصدر ذاته أن الصعوبات لم تقتصر فقط على المهاجرين غير النظاميين، بل طالت حتى المهاجرين الذين يتمتعون بإقامة قانونية، بعدما أصبحت عملية تجديد التصاريح أكثر تعقيدا، حيث قالت “سيبيل ديفيد”، من اتحاد النقابات: “نطالب بالمساواة في الحقوق، بما يشمل السكن والعمل والتعليم. هذه السياسات القمعية يجب أن تنتهي”.
وأورد الموقع تصريح باسكال، وهو أحد النشطاء الذين يقدمون المساعدة للمهاجرين في إتمام الإجراءات القانونية، الذي قال فيه: “الوضع يزداد سوءا، فبعض الإدارات، مثل محافظة إيسون، قد توقفت منذ أشهر عن استقبال الطلبات”، متوقعا استمرار الاحتجاجات في مختلف المدن الفرنسية إلى غاية الـ 16 دجنبر، وهو التاريخ الذي يصادف اليوم الدولي للمهاجر.