نسبة المشاركة الأولية بالانتخابات الجزائرية أقل من 50 بالمئة وفوز متوقع لتبون

بلغت نسبة المشاركة الأولية في الانتخابات الرئاسية التي جرت السبت في الجزائر أقل من 50 بالمئة رغم أن نسبة المشاركين كانت الرهان الأكبر في هذا الاقتراع الذي ينتظر أن يفوز فيه الرئيس عبد المجيد تبون بولاية ثانية.

ومتأخرا ثلاث ساعات عن موعد إحاطته الصحافية، أعلن رئيس السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات محمد شرفي أن “نسبة المشاركة الأولية في الانتخابات الرئاسية عند إغلاق مكاتب الاقتراع الساعة 20,00 السبت (19,00 ت غ) بلغت 48,03 بالمئة داخل الوطن و19,57 بالمئة بالنسبة للجالية الوطنية بالخارج”، من دون أن يحدد عدد المقترعين من أصل أكثر من 24 مليون مسجل. وقال إن هذه “نسبة أولية”، في وقت يتوقع نشر نتائج التصويت الأحد.

وأرجع حسني عبيدي، من مركز “سيرمام” للدراسات في جنيف، انخفاض نسبة المشاركة إلى “الحملة الانتخابية المتواضعة” مع وجود متنافسين “لم يكونا في المستوى” المطلوب ورئيس “بالكاد عقد أربعة تجمعات”. وأضاف أنه بالنسبة إلى الناخبين “ما الفائدة من التصويت إذا كانت كل التوقعات تصب في مصلحة الرئيس”.

وكانت مكاتب الاقتراع أغلقت الساعة 20,00 (19,00 ت غ) بعد تمديد التصويت لمدة ساعة.

ودعي أكثر من 24 مليون جزائري للمشاركة في الانتخابات. وبلغت نسبة المشاركة في الساعة الخامسة عصرا (16,00 ت غ) 26,46%، بانخفاض قدره سبع نقاط مقارنة بالساعة ذاتها في انتخابات 2019 (33,06 بالمئة)، حسب السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات.

وقررت السلطة تمديد فترة فتح مكاتب التصويت إلى الثامنة مساء (19,00 ت غ) بدلا من السابعة.

وبدأ الاقتراع عند الثامنة صباحا. وبلغت نسبة المشاركة عند الأولى بعد الظهر (12,00 ت غ)، 13,11%.

شهدت الانتخابات التي حملت تبون إلى الرئاسة في 2019 عزوفا قياسيا بلغ 60 بالمئة، حيث حصل على 58 بالمئة من الأصوات، في خضم تظاهرات “الحراك” العارمة المطالبة بالديموقراطية، ودعوة الكثير من الأحزاب إلى مقاطعة التصويت.

لدى افتتاح مراكز الاقتراع كان المسن ون، خاصة من الرجال، أول الوافدين، مثل سيد علي محمودي وهو تاجر يبلغ 65 عاما جاء “باكرا لأداء واجبه الانتخابي بكل ديموقراطية”.

وعند الظهيرة، بدأت النساء في الخروج للتصويت، ومنهن طاووس زايدي، وهي ربة منزل في السادسة والستين، وليلى بلقرمي، محاسبة تبلغ 42 عاما، واللتان صرحتا لوكالة فرانس برس بأنهما تقترعان للمشاركة في “تطوير البلد” و”المساهمة في الإصلاحات فيها”.

لكن الفائز يبدو “معروفا مسبقا”، وفق ما علق أستاذ العلوم السياسية محمد هناد عبر فيسبوك، مشيرا إلى أن ذلك يأتي “بالنظر إلى نوعية المرشحين وقلة عددهم غير العادي وكذا الظروف التي جرت فيها الحملة الانتخابية التي لم تكن سوى مسرحية للإلهاء”.

وخاض الانتخابات ثلاثة مرشحين أبرزهم تبون (78 عاما).

ويحظى الرئيس المنتهية ولايته بدعم أحزاب الغالبية البرلمانية وأهمها جبهة التحرير الوطني، الحزب الواحد سابقا، والحزب الإسلامي حركة البناء الذي حل مرشحه ثانيا في انتخابات 2019. ما يجعل إعادة انتخابه أكثر تأكيدا.

ولم يشر تبون في تصريحه عقب التصويت في مركز أحمد عروة بالضاحية الغربية للعاصمة، إلى نسبة المشاركة وضرورة التصويت بقوة كما فعل منافساه.

وقال “أتمنى أن تجري الأمور بكل ديموقراطية. هذه الانتخابات مفصلية لأن من يفوز بها عليه مواصلة مسار التنمية الاقتصادية للوصول إلى نقطة اللارجوع وبناء الديموقراطية”.

وينافسه مرشحان هما رئيس حركة مجتمع السلم الإسلامية عبد العالي حساني شريف (57 عاما)، وهو مهندس أشغال عمومية، والصحافي السابق رئيس جبهة القوى الاشتراكية يوسف أوشيش (41 عاما)، وهو أقدم حزب معارض في الجزائر يتمركز في منطقة القبائل بوسط شرق البلاد.

وأدلى حساني شريف بصوته في مكتب بحي تيليملي بالعاصمة. ودعا الجزائريين “للتصويت بقوة لأن ارتفاع نسبة المشاركة من شأنها تثبيت شرعية هذه الانتخابات”، آملا في أن “تكون الانتخابات دون إكراهات”.

بدوره، وجه يوسف أوشيش “رسالة إلى الجزائريات والجزائريين الذين لم يصوتوا للخروج بقوة من أجل المساهمة في صناعة مستقبلكم”.

كانت الانتخابات مقررة عند انتهاء ولاية تبون في كانون الأول/ديسمبر، لكنه أعلن في آذار/مارس تنظيم اقتراع رئاسي مبكر في السابع من أيلول/سبتمبر.

وأكد حسني عبيدي أن تبون يرغب بـ”مشاركة مكثفة، فهذا هو الرهان الأول، إذ لم ينس أنه انتخب في العام 2019 بنسبة مشاركة ضعيفة، ويريد أن يكون رئيسا طبيعيا وليس منتخبا بشكل سيئ”.

في مواجهة شبح عزوف مكثف بالنظر لانعدام رهانات هذا الاقتراع، أجرى تبون ومؤيدوه وكذلك فعل منافساه، جولات عدة على امتداد البلاد منذ منتصف آب/أغسطس ليشجعوا على المشاركة القوية.

لكن مجريات الحملة الانتخابية لم تحظ سوى باهتمام ضئيل، خصوصا أنها جرت على غير العادة في عز الصيف في ظل حر شديد.

في الخارج، بدأ الجزائريون المهاجرون الإدلاء بأصواتهم منذ الاثنين، وعددهم 865490 ناخبا، حسب الهيئة الوطنية المستقلة للانتخابات.

وأوضحت سلطة الانتخابات أن نسبة المشاركة بينهم بلغت 18,31 بالمئة عند الساعة 16,00.

كذلك، خصصت مراكز اقتراع متنقلة للقاطنين في المناطق النائية داخل البلاد.

ركز المرشحون الثلاثة خطاباتهم أثناء الحملة الانتخابية على القضايا الاجتماعية والاقتصادية، متعهدين العمل على تحسين القدرة الشرائية وتنويع الاقتصاد ليصبح أقل ارتهانا بالمحروقات التي تشكل 95 بالمئة من موارد البلاد بالعملة الصعبة.

ووعد تبون، مستندا إلى حصيلة اجتماعية واقتصادية محسنة، بزيادات جديدة في الأجور ومعاشات المتقاعدين وتعويضات البطالة وببناء مليوني مسكن، فضلا عن زيادة الاستثمارات لإيجاد 400 ألف فرصة عمل وجعل الجزائر “ثاني اقتصاد في إفريقيا” بعد جنوب إفريقيا.

في ختام حملته الانتخابية بالجزائر العاصمة، تعهد الرئيس الذي يلقبه البعض في مواقع التواصل الاجتماعي “عمي تبون”، إعطاء الشباب “المكانة التي يستحقونها”، علما أنهم يمثلون نصف سكان البلاد وثلث الناخبين.

وقال إنه يريد استكمال تنفيذ مشروع “الجزائر الجديدة”، معتبرا أن ولايته الأولى واجهت عقبة جائحة كوفيد-19.

في المقابل، تعه د منافساه منح الجزائريين مزيدا من الحريات.

وأعلن أوشيش التزامه “الإفراج عن سجناء الرأي من خلال عفو رئاسي ومراجعة القوانين الجائرة”.

أما حساني شريف فدافع عن “الحريات التي تم تقليصها إلى حد كبير في السنوات الأخيرة”، بعد تراجع زخم “الحراك” الذي أطاح عام 2019 الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة الذي أمضى 20 عاما في الرئاسة وتوفي في 2021.

واعتبر حسني عبيدي أن حصيلة تبون تعاني “عجزا في الديموقراطية” يمكن أن يشكل عائقا خلال ولايته الجديدة.

من جهتها أعربت منظمة العفو الدولية (“أمنستي) غير الحكومية في بيان في الثاني من أيلول/سبتمبر عن قلقها. وقالت “شهدت الجزائر في السنوات الأخيرة تدهورا مطردا لوضع حقوق الإنسان. ومن المثير للقلق أن الوضع لا يزال قاتما مع اقتراب موعد الانتخابات”.

وتحدثت المنظمة في شباط/فبراير عن “قمع مرو ع للمعارضة السياسية”.

تعليقات( 0 )

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)